فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: شاهداك أو يمينه، قلت: إنه إذن يحلف ولا يبالي. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من حلف على يمين يستحق بها مالًا، وهو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله تصديق ذلك، ثم قرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ إلى ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾] (١).
وكذلك أخرج البيهقي بسند صحيح عن سالم بن عبد الله: [أن عبد الله بن عمر باع غلامًا بثمان مئة درهم، وباعه بالبراءة، فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالغلام داء، لم يسمه، فاختصما إلى عثمان بن عفان، فقال الرجل: باعني عبدًا وبه داء، لم يسمه لي، فقال عبد الله بن عمر: بعته بالبراءة، فقضى عثمان بن عفان على عبد الله بن عمر باليمين أن يحلف له: لقد باعه الغلام وما به داء يعلمه، فأبى عبد الله أن يحلف له، وارتجع العبد، فباعه عبد الله بن عمر بعد ذلك بألف وخمس مئة درهم]. ولفظ أحمد: [أنه باع زيد بن ثابت عبدًا فادعى عليه زيد أنه باعه إياه عالمًا بعيبه، فأنكره ابن عمر فتحاكما إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر: احلف أنك ما علمت به عيبًا، فأبى ابن عمر أن يحلف فرد عليه العبد].
ثانيًا: لم تكن تقبل شهادة أي أحد، بل من كان عدلًا من الناس ثقة غير متهم.
فقد روى الدارقطني والبيهقي والعقيلي عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر قال: [شهد رجل عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له عمر: إني لست أعرفك ولا يضرك أني لا أعرفك فائتني بمن يعرفك. فقال رجل: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين، قال: بأي شيء تعرفه؟ فقال: بالعدالة. قال: هو جارك الأدنى تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه؟ قال: لا. قال: فعاملك بالدرهم والدينار الذي يستدل بهما على الورع؟ قال: لا. قال: فصاحبك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا. قال: فلست تعرفه، ثم قال للرجل: ائتني بمن يعرفك].
ثالثًا: أن يتمهل القاضي زمنًا مناسبًا إن احتاج لمعرفة أبعاد القضية، ولا يتعجل. وأصل ذلك: ما روى البيهقي والدارقطني بسند صحيح عن أبي المليح الهذلي قال: [كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاد له، واس