بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك، ولا يطمع شريف في حيفك. واجعل لمن ادعى حقًّا غائبًا أمدًا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة أخذت له حقه، وإلا استحللت القضية عليه، فإنه أنقى للشك وأجلى للغم].
وعن ابن عباس: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ﴾ أي: اختبرناه). وقال أبو عمرو والفراء: ظن بمعنى أيقن.
وقوله: ﴿فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾ أي خر ساجدًا، فإنه يعبر عن السجود بالركوع أحيانًا.
قال ابن العربي: (لا خلاف بين العلماء أن المراد بالركوع هاهنا السجود). وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- كان يسجدها.
فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه في (كتاب تفسير القرآن) عن العَوَّام قال: [سألت مجاهدًا عن سَجْدَةٍ في "ص" فقال: سألت ابن عباس من أين سَجَدْتَ؟ فقال: أوَ ما تَقْرأ: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾، ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾. فكان داود مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ أن يقتديَ به، فسجَدَها داود عليه السلام فسجدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..] الحديث (١).
قال الحافظ ابن كثير: (واختلف الأئمة هل هذه السجدة من عزائم السجود، فمنهم من اعتبرها كذلك ومنهم من عدّها سجدة شكر).
قال ابن العربي: (والذي عندي أنها ليست موضع سجود، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- سجد فسجدنا بالاقتداء به). وأصل ذلك ما روى الإمام البخاري عن ابن عباس أنه قال: ["ص" ليست من عزائم القرآن، وقد رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها] (٢). ثم روى من طريق عن ابن مسعود أنه قال: [﴿ص﴾ توبة نبيّ ولا يسجد فيها] (٣)، وعن ابن عباس: [أنها

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨٠٧)، كتاب التفسير، سورة (ص).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (١٠٦٩)، كتاب سجود القرآن، باب سجدة "ص"، وأخرجه النسائي (٢/ ١٥٩)، وابن حبان (٢٧٦٦)، وأحمد (١/ ٣٦٠).
(٣) وأخرج أبو داود (١٤١٠) بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري أنه قال: [قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر "ص"، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَ -أي تأهَّب- الناس للسجود، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم-: "إنما هي توبةُ نبيّ، ولكني رأيتكم تشزّنتم للسجود" فنزل فسجد وسجدوا].


الصفحة التالية
Icon