توبة نبي، ونبيّكم ممن أمر أن يقتدي به] والله تعالى أعلم، فمن سجدها تَأَسِّيًا بالنبي صلوات الله وسلامه عليه فله أجر ذلك إن شاء الله تعالى.
وقوله: ﴿فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ﴾. قال قتادة: (أي: الذنب). ويجوز الوقف على ﴿فَغَفَرْنَا لَهُ﴾ ثم تستأنف بقوله ﴿ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ﴾ ذكره القرطبي عن القشيري.
وقوله: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى﴾. قال مجاهد: (الزلفى الدنو من الله عز وجل يوم القيامة). وقال محمد بن كعب: (قربة بعد المغفرة). واختار ابن جرير المعنى الذي أشار له مجاهد حيث قال: (وإن له عندنا لَلقُرْبة منا يوم القيامة).
وقوله: ﴿وَحُسْنَ مَآبٍ﴾. قال السّدي: (حسن المنقلب). وقيل: (أي مرجعًا حسنًا وكرامة في الآخرة) ذكره القاسمي. قال الحافظ ابن كثير: (أي وإن له يوم القيامة لقربة يقرّبه الله عز وجل وحسن مرجع وهو الدرجات العالية لنبوته وعدله التام في ملكه).
وجملة القول أنّ الله سبحانه زاد داود بهذا التنبيه قسطًا وعدلًا ونقاء ودينًا، ووعده في الآخرة جوارًا وجنانًا.
وقد خرّج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: [إن المقسطين عندَ الله يومَ القيامة على منابرَ من نور عن يمين الرحمان، وكلتا يديه يمين: الذين يعدِلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا] (١).
وفي صحيح أبي داود والحاكم عن بريدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- قال: [القضاةُ ثلاثة: اثنان في النار، وواحدٌ في الجنة، رجلٌ عَلِمَ الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار] (٢).
وقوله تعالى: ﴿يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾.
قال السدي: (قوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً﴾ ملَّكه في الأرض، ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ يعني بالعدل والإنصاف ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى﴾ يقول: ولا تُوثِر هواك في قضائك بينهم على الحق والعدل فيه فتجور عن الحق ﴿فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾: فيميل بك اتباعك هواك في
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٣٥٧٣) -كتاب الأقضية-باب في القاضي يخطئ. ورواه ابن ماجة (٢٣١٥)، والحاكم. انظر صحيح أبي داود (٣٠٥١)، وصحيح الجامع (٤٣٢٣).