أَتْرَابٌ (٥٢) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (٥٣) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤) هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (٥٦) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (٥٨) هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (٥٩) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (٦٠) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (٦١) وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (٦٢) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (٦٣) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤)}.
في هذه الآيات: يخاطب الجبار سبحانه نبيّه محمدًا عليه الصلاة والسلام مسليًا له ليصبر على ما يلقاه من قومه وعنادهم، فيذكره بإخوته الأنبياء من قبله صلوات الله وسلامه عليهم، فهذا أيوب عليه السلام حصل له من الابتلاء ما يرفع الله له به مقامه يوم القيامة فأصابه من الضر في جسده وماله ولم يبق له من يستعين به على مرضه إلا زوجته التي صبرت لصبره وآثرت رضاء الله في خدمته وحفظ ودّه، فكانت تخدم الناس بالأجرة وتطعمه وتخدمه مدة مرضه الذي دام نحوًا من ثماني عشرة سنة وكان قبلها وسيع المال والولد، فلما طال به الألم تضرع إلى الله العظيم وتواضع لربه الكريم ناسبًا الأمر لذنب أصابه من وسواس الشياطين، فقبل الله منه ذلك وكشف ما به من الضر والألم وأمره أن يقوم ويركض الأرضَ برجله فأنبع الله له عينًا من الماء يغتسل منها فأذهب عنه بمائها الأذى حتى تماثل للعافية وتنغم بالشفاء، وكان قد غضب مرة على زوجته وأقسم أن يجلدها مئة فلما شفاه الله وأراد أن يرحم زوجته التي أبرته وخدمته جعل له ولها من ذلك فرجًا ومخرجًا بأن أوحى إليه أن يأخذ الشمراخ فيه مئة قضيب فيضربها به ضربة واحدة فيبز بذلك يمينه إنه كان رجّاعًا أوابًا منيبًا. ثم اذكر يا محمد إخوتك إبراهيم وإسحاق ويعقوب أهل العلم والعمل والقوة في العبادة والبصيرة النافذة، فقد كانوا يعملون للآخرة ويدعون لها فأخلصناهم بذكراها من دون غيرهم، فهم أهل الآخرة في الدنيا وأهل الآخرة في الآخرة، وهم عند ربهم من المصطفين الأخيار أولي العزيمة والثناء والقوة والأبصار. وكذلك اذكر يا محمد من ذريتهم إسماعيل واليسع وذا الكفل فكلهم من الأخيار والأبرار. وجزاء المتقين جنات تجري من تحتها الأنهار، فيها أرائك يتكئون عليها ولهم فيها زوجات طاهرات وفاكهة كثيرة وشراب، رزق الله لهم ما له من نفاد. وأما الأشقياء فسوف يصلون نارًا وسعيرًا،


الصفحة التالية
Icon