الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة بسند جيد عن سعيد بن سَعْد بن عُبَادة قال: [كان بين أبْياتِنا إنسان مُخْدَجٌ ضعيفٌ لم يُرَغ أَهْلُ الدار إلا وهوَ على أمَةٍ من إماء الدار يَخْبُثُ بها وكان مُسْلِمًا فرَفَعَ شأنَهُ سعدٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: اضربوه حَدَّه: قالوا: يا رسول الله إنه أضعفُ من ذلك إن ضربناه مئةً قتلناه قال: فخذوا لهُ عِثْكالًا فيه مئةُ شِمْراخٍ فاضرِبوهُ به ضربةً واحدةً وخلّوا سبيله]. هذا لفظ الإمام أحمد من طريق أبي أمامة بن سهل عن سعيد بن سعد.
وأما لفظ أبي داود عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيفٍ أنه أخبرهُ بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأنصار: [أنه اشتكى رجل منهم حتى أُضْنِيَ فعادَ جِلدَةً على عظم، فدخلت عليه جاريةٌ لبعضهم فهشَّ لها فوقع عليها، فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه أخبرهم بذلك وقال استفتوا لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإني قد وقَعْتُ على جارية دخلت عليَّ. فذكروا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالوا ما رأينا بأحدٍ من الناس من الضُّرِ مثلَ الذي هوَ به لو حَمَلْناه إليك لتفسّخت عظامه ما هو إلا جِلْدٌ على عظم، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأخذوا له مئةَ شِمْراخ فيضربوه بها ضربة واحدة] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾. أما قوله: ﴿أُولِي الْأَيْدِي﴾ ففيه تفاسير:
الأول: قال ابن عباس: (يقول: أولي القوة والعبادة. ﴿وَالْأَبْصَارِ﴾: يقول: الفقه في الدين. قال: فُضِّلوا بالقوة والعِبادة).
الثاني: الأيدي: جمع يد. قالوا: وهي النعمة. أي أصحاب النعم الذين أنعم الله عز وجل عليهم.
الثالث: قيل المراد بالأيدي الأعمال الصالحة. قال ابن كثير: (أي أهل العمل الصالح والعلم النافع والقوة في العبادة والبصيرة النافذة).
الرابع: قيل المراد أهل الإحسان لأنهم قد أحسنوا وقدموا خيرًا وأهمتهم الآخرة فتسابقوا للعمل لها. قال النسفي: (أي أولي الأعمال الظاهرة والفكر الباطنة، كأن الذين لا يعملون أعمال الآخرة ولا يجاهدون في الله ولا يتفكرون أفكار ذوي الديانات

(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٤٤٧٢) -كتاب الحدود- باب في إقامة الحد على المريض. ورواه ابن ماجة (٢٥٧٤)، ورواه أحمد. انظر صحيح أبي داود (٣٧٥٤).


الصفحة التالية
Icon