وأقم وجهك لطاعة ربك والتزم منهاج هذا الدين القويم، قبل مجيء يوم من أيام الله يتفرق الناس فيه فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير، إنَّه من كفر فإن مردّ الكفر على نفسه، ومن عمل صالحًا فقد مهّد لنفسه سبيل النجاة، فالله وعد المؤمنين إسعادهم، والكافرين إنزال الشقاء والتعاسة بهم، فإنه -تعالى- لا يحبهم.
فعن مجاهد: (قوله: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ﴾ قال: قتل ابن آدم أخاه. ﴿وَالْبَحْرِ﴾ قال: أخذ الملك السفن غصْبًا).
وقال زيد بن رُفيع: (﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ﴾ يعني: انقطاع المطر عن البَرِّ يعقبه القحطُ، وعن البحر يعني دوابُّه).
وقال أبو العالية: (مَنْ عصى الله في الأرض فقد أفسدَ في الأرض، لأنَّ صلاحَ الأرض والسماء بالطاعة).
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ظهرت المعاصي في برّ الأرض وبحرها بكسب أيدي الناس ما نهاهم الله عنه). وقال النسفي: (﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ نحو القحط وقلة الأمطار والريع في الزراعات والربح في التجارات ووقوع الموتان في الناس والدواب وكثرة الحرق والغرق ومحق البركات من كل شيء).
وقوله: ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾.
قال ابن كثير: (أي: بأن النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي).
وقال القاسمي: (﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ أي من الآثام والموبقات، ففشا الفساد وانتشرت عدواه، وتوارثه جيل عن جيل أينما حلوا وحيثما ساروا).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُو﴾ [الأنعام: ١٢٩].
ومن صحيح السنة المطهرة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الحاكم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس، عن


الصفحة التالية
Icon