نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٨٧) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (٨٨)}.
في هذه الآيات: يخاطب الجبار نبيَّه محمدًا صلوات الله وسلامه عليه، لينذر الجبابرة المستكبرين المشركين من قومه أنه لا معبود تصلح له العبادة وتنبغي له الربوبية إلا الله الواحد الأحد الصمد، القهار الجبّار لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، دانت السماوات والأرض وما بينهما لعزته وخضعت لكبريائه وملكوته، فهو العزيز في انتقامه ممن كفر، الغفار لذنوب من تاب إليه وجار، فهذا القرآن هو النبأ العظيم، الذي أنتم عنه معرضون ومنصرفون، وهو وحي الله أخبر به عن شأن آدم مع إبليس واستكباره عن السجود له، ما كان لي أن أخبركم بذلك لولا هذا القرآن كلام الله ووحيه، وما كان لي أن أحدثكم بدونه عن الملائكة وهم الملأ الأعلى لمّا قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، فخلق آدم من طين وقال إني أعلم ما لا تعلمون، ثم نفخ فيه من روحه وأمرهم بالسجود فوقعوا جميعًا ساجدين، إلا إبليس علاه الكبر والغرور والعجب فاستكبر وكان من الكافرين. فسأله ربه ما منعك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فأخرجه وهو رجيم ملعون إلى يوم الدين، فسأل ربه أن ينظره فأنظره إلى يوم يبعثون، ثم حلفَ بعزته سبحانه ليغويثهم أجمعين، إذ علم أنه لا عزة له ولا سلطان على المخلصين، فقال سبحانه: أنا الحق والحق مني، وأقسم جل ثناؤه بالحق ليخزينهم في جهنم أجمعين، إبليس ومن تبعه من المسرفين، فيا محمد قل لقومك لا أريد على البلاغ مالًا ولا أتكلف القول والأمر بل هو ذكر للعالمين، ولتعلمن صدق ما أقول لكم ولو بعد حين. وتفصيل ذلك:
قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ﴾. قال القاسمي: (أي رسول مخوِّف). وقال القرطبي: (أي مخوف عقاب الله لمن عصاه).
وقوله: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾. قال ابن جرير: (وما من معبود تصلح له