أنه لا علم لي بذلك قبل نزول هذا القرآن. قال القاسمي: (يختصمون: استعارة تبعية لـ "يتقاولون").
التفسير الثاني: هو حمل الاختصام بين الملأ الأعلى على اختلافهم في الكفارات والدرجات، وهو أمر قد أهمّهم لما علموا مصير العصاة من بني آدم، فخوفًا منهم على مصيرهم أن يكون في النار اختلفوا فيما بينهم! كيف يتخلص المؤمنون مما اكتسبوا من آثام ومما استزلهم الشيطان في لحظات ضعف قلوبهم. وأصل ذلك ما أخرج الإمام أحمد في المسند، والترمذي في الجامع، بسند صحيح عن ابن عباس عن النبي - ﷺ - قال: [أتاني الليلةَ ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة، فقال: يا محمدُ هل تدري فيم يختصِمُ الملأ الأعلى؟ قلتُ: لا، فوضع يدَهُ بين كتفيّ، حتى وجدتُ بردها بين ثَدْيَيَّ، فعلمت ما في السماوات وما في الأرض، فقال: يا محمدُ! هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلتُ: نعم، في الكفارات والدّرجات، والكفارات المكثُ في المساجد بعدَ الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره. قال: صدقت يا محمد! ومن فعل ذلك عاش بخير، وماتَ بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمهُ. وقال: يا محمدُ إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تغفر لي وترحَمني، وتتوب عليَّ، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون. والدرجات: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام] (١).
وله لفظ آخر عند الإمام أحمد من طريق معاذ رضي الله عنه قال: [احتبس علينا رسول الله - ﷺ - ذات غداة عن صلاة الصبح. حتى كدنا أن نتراءى قرن الشمس. فخرج - ﷺ - سريعًا. فثوّب بالصلاة. فصلى وتجوز في صلاته. فلما سلّم قال - ﷺ -: كما أنتم. ثم أقبل إلينا فقال: إني قمت من الليل فصليت ما قدّر لي. فنعست في صلاتي حتى استيقظت. فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة. فقال: يا محمد! أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري، يا رب! أعادها ثلاثًا. فرأيته وضع كفه بين كتفيّ حتى وجدت برد أنامله بين صدري. فتجلى لي كل شيء وعرفت. فقال: يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات. قال: وما الكفارات؟ قلت: نقل الأقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد بعد الصلوات، وإسباغ الوضوء