[لا يتكلفن أحدُ لضيفه ما لا يقدر عليه] (١). وفي رواية الحاكم عن سلمان رضي الله عنه قال: [نهى عن التكلف للضيف].
وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: [يا أيها الناس! من علم شيئًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل الله أعلم. فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. فإن الله عز وجل قال لنبيكم - ﷺ -: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾] (٢). ورواه النسائي في كتاب العلم عن مسروق قال: [كنا عند عبد الله جلوسًا وهو مضطجع بيننا نراه، فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن إن قاصًّا عند أبواب كندة يزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله وجلس وهو غضبان: يا أيها الناس! اتقوا الله، من علم منكم شيئًا فليقل بما يعلم، ومن لا يعلم فليقل: الله أعلم، فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم، فإن الله تعالى قال لنبيّه عليه السلام: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾].
وقوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾. يعني القرآن، فهو إنذار وذكر للجن والإنس وعنه يسألون في قبورهم وفى محشرهم. كقوله جل ثناؤه في سورة الأنعام: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾، وكقوله في سورة هود: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾. أي: صدقه وحقيقته ونبوة محمد - ﷺ - وما أخبر به من الوحي وذكر الوعد والوعيد والنشور. فعن ابن زيد ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ﴾ قال: (صدق هذا الحديث نبأ ما كذّبوا به. وقيل: نبأه حقيقة أمر محمد - ﷺ - أنه نبي). وفي قوله: ﴿بَعْدَ حِينٍ﴾ أكثر من تأويل:
التأويل الأول: أي بعد الموت. فعن قتادة قوله: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾، قال: (أي بعد الموت).
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٤٨٢١) - كتاب التفسير - سورة حم الدخان. وكذلك (٤٨٢٢)، ورواه مسلم، وبنحوه ابن جرير في "التفسير" - سورة المؤمنون - آية (٧٦).