[حدٌّ يُعْمَلُ به في الأرض، خَيْرٌ لأهل الأرض من أن يُمْطروا أربعين صباحًا] (١).
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- معلقًا على هذا الحديث-: (وهذا لأن المعاصي سبب لنقص الرزق والخوف من العدو، كما يدل عليه الكتاب والسنة، فإذا أقيمت الحدود ظهرت طاعة الله ونقصت معصية الله تعالى، فحصلَ الرزق والنصر) (٢).
وقوله: ﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
قال قتادة: (لعل راجعًا أن يرجع، لعل تائبًا أن يتوب، لعل مستعتِبًا أن يستعتب).
وعن الحسن: (﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ قال: يتوبون). أو قال: (يرجعُ مَنْ بَعْدهم).
والمعنى: إنما يصيبهم الله بعقوبة بعض أعمالهم وما اجترحوه من الآثام كي ينيبوا إلى الحق ويرجعوا تائبين. كما قال تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٨].
وقوله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - ﷺ -: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من قومك: سِيروا في البلاد، فانظروا إلى مساكن الذين كفروا بالله من قبلكم، وكذبوا رسله، كيف كان آخر أمرهم، وعاقبة تكذيبهم رسل الله وكفرهم، ألم نهلكهم بعذاب منا، ونجعلهم عبرة لمن بعدهم، ﴿كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ﴾، يقول: فعلنا ذلك بهم، لأن أكثرهم كانوا مشركين بالله مثلهم).
وقوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾.
أي: فوَجِّه وجهك يا محمد إلى طاعة ربك والتزم الملة المستقيمة: منهاج هذا الدين القيم، من قبل مجيء يوم من أيام الله لا راد لمجيئه، قضى الله تعالى فيه تفريق الناس إلى فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير.
وأصل الصدع في لغة العرب الشق، وتصدع القوم إذا تفرقوا. قال ابن عباس:
(٢) انظر كتاب "السياسة الشرعية"- ابن تيمية- ص (٦٨).