(قوله: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ يقول: يتفرقون) وقال ابن زيد: (يتفرقون إلى الجنة وإلى النار).
وقوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾.
قال مجاهد: (﴿فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾: في القبر). أو قال: (يسوّون المضاجع). قال النسفي: (أي يسوون لأنفسهم ما يسويه لنفسه الذي يمهد فراشه ويوطئه لئلا يصيبه في مضجعه ما ينغص عليه مرقده من نتوء وغيره. والمعنى أنه يمهد لهم الجنة بسبب أعمالهم فأضيف إليهم. وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على أن ضرر الكفر لا يعود إلا على الكافر، ومنفعة الإيمان والعمل الصالح ترجع إلى المؤمن لا تجاوزه).
وقوله تعالى: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾.
قال القرطبي: (أي يمهدون لأنفسهم ليجزيهم الله من فضله. وقيل: يصدّعون ليجزيهم الله، أي ليميّز الكافر من المسلم ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾). وقال ابن كثير: (أي: يُجازيهم مجازاةَ الفضل، الحسنة بعشرِ أمثالها، إلى سبع مئة ضِعْف، إلى ما يشاء الله، ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾. ومع هذا هو العادل فيهم، الذي لا يَجُور).
٤٦ - ٤٧. قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)﴾.
في هذه الآيات: امتنانُ الله على عباده إرسال الرياح مبشرات بالغيث والمطر، ولجريان السفن، ولبلوغ الخيرات في المعايش والتجارات، والسير في البلدان، ولعلهم يشكرون. ولقد أرسل الله الرسل من قبل في الأمم بالبينات، والحجج والدلالات، ليفردوه تعالى بالشكر والتعظيم، فأطاعهم فريق وأبى آخرون، فأنعم تعالى بالنصر على المؤمنين، وانتقم من المجرمين.
فقوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ﴾. قال مجاهد: (بالمطر).
أي: ومن أعلام كمال قدرته إرسال الرياح مبشرات أي بالمطر لأنها تتقدمه.
وقوله: ﴿وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾. قال قتادة: (المطر). قال ابن جرير: (يقول: ولينزل