أُمِرَ بهِ فسُحب على وجهِهِ حتى أُلقي في النار] (١).
ورواه الترمذي وابن حبان بسند صحيح عن الوليد ابن أبي الوليد أبي عثمان المديني أنّ عُقبةَ بنَ مسلم حدّثهُ، أن شُفَيًّا الأصبَحيَّ حدثه: أنه دخل المدينة فإذا هو برجلٍ قد اجتمعَ عليهِ الناسُ، فقال: من هذا؟ قالوا: أبو هريرة، قال: فَدَنَوْتُ منه، حتى قعدتُ بين يديهِ، وهو يحدث الناس، فلما سكتَ وخلا، قلتُ له: أسألكَ بحقِّ وبحقِّ، لمّا حدثتني حديثًا سمعتهُ من رسول الله - ﷺ - وعَقِلْتَهُ وعَلِمْتَهُ، فقال: أبو هريرة: أفعلُ، لأحدثنّكَ حديثًا حَدَّثنيه رسول الله - ﷺ - وعَقِلْتُهُ وعَلِمْتَهُ، ثم نشغَ أبو هريرةَ نشغة (أي شهق حتى كاد يغشى عليهِ خوفًا وأسفًا)، فمكثنا قليلًا ثم أفاق، فقال: لأحدِّثنكَ حديثًا حدثنيهِ رسول الله - ﷺ - أنا وهو في هذا البيت، ما معنا أحدٌ غيري وغيره، ثم نَشَغَ أبو هريرة نشغةً أخرى، ثم أفاق ومسحَ عن وجههِ، فقال: أفعلُ، لأحدثنكَ حديثًا حدثنيه رسول الله - ﷺ - أنا وهو في هذا البيت، ما معنا أحدٌ غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرةَ نشغةً شديدة، ثم مالَ خارًّا على وجهِهِ، فأسندتُه طويلًا، ثم أفاق، فقال: حدثني رسول الله - ﷺ -: [إن الله تباركَ وتعالى إذا كان يوم القيامةِ، ينزلُ إلى العبادِ ليقضي بينهم، وكلُّ أمة جاثية، فأول من يُدعى به رجل جمع القرآن، ورجلٌ قُتلَ في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقولُ الله عزَّ وجلَّ للقارئ: ألم أُعَلِّمك ما أنزلتُ على رسولي؟ قال: بلى يا ربِّ، قال: فما عَمِلْتَ فيما عَلِمْتَ؟ قال: كنتُ أقومُ بهِ آناءَ الليل وآناء النهار، فيقول الله عز وجل له: كذَبْتَ، وتقول له الملائكة: كَذَبْتَ، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أرَدْتَ أن يقال: فلانٌ قارئ، وقد قيل ذلك.
ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله عز وجل: ألم أُوْسِعْ عليكَ حتى لم أَدَعْكَ تحتاج إلى أحدٍ؟ قال: بلى يا ربِّ، قال: فما عملتَ فيما آتيتُكَ؟ قال: كنتُ أصلُ الرَّحِمَ وأتصدقُ. فيقولُ الله له: كَذَبْتَ، وتقول الملائكةُ: كذبْتَ، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جَوادٌ، وقد قيل ذلك.
ويؤتى بالذي قُتِلَ في سبيل الله فيقول الله له: في ماذا قُتِلْتَ؟ فيقول: أي ربِّ! أمَرْتَ بالجهاد في سبيلك فقاتلتُ حتى قُتِلْتُ، فيقول الله له: كَذَبْتَ، وتقول الملائكةُ كَذَبْتَ، ويقول الله: بل أردتَ أن يقالَ: فلان جريء، فقد قيل ذلك. ثم ضرب

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١٩٠٥) - كتاب الإمارة. ورواه النسائي.


الصفحة التالية
Icon