رسول الله - ﷺ - على ركبتي فقال: يا أبا هريرة أولئكَ الثلاثةُ أولُ خلقِ الله تُسعر بهم النار يومَ القيامة] (١).
قال الوليدُ أبو عثمان المديني: (وأخبرني عُقبةُ أن شُفَيًّا هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا، قال أبو عثمان: وحدثني العلاء بن أبي حكيم أنه كان سيّافًا لمعاوية قال: فدخل عليهِ رجل فأخبره بهذا عن أبي هريرة. فقال معاوية: قد فُعِلَ بهؤلاء هذا، فكيفَ بمن بَقِيَ مِن الناس؟ ثم بكى معاوية بكاءً شديدًا، حتى ظننا أنَّهُ هالكٌ، وقلنا: قد جاءنا هذا الرجل بشَرٍّ. ثم أفاق معاوية، ومسح عن وجههِ، وقال: صدق الله ورسوله: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾).
وبهذا المعنى روى ابن جرير في التفسير عن حفص عن شمر قال: (يؤتى بالرجل يوم القيامةِ للحساب وفي صحيفتهِ أمثال الجبال من الحسنات فيقول ربّ العزةِ جل وعز: صَلّيْتَ يوم كذا وكذا ليقال: صَلَّى فلانٌ، أنا الله لا إله إلا أنا، لي الدين الخالص. صُمْتَ يوم كذا وكذا ليقال صام فلان، أنا الله لا إله إلا أنا لي الدين الخالص. تصدقتَ يومَ كذا وكذا ليقال: تصدّق فلانٌ، أنا الله لا إله إلا أنا لي الدين الخالصُ، فما يزالُ يمحو شيئًا بعد شيء حتى تبقى صحيفتهُ ما فيها شيء فيقول ملكاه: يا فلان، ألغير الله كنتَ تعمل؟ ).
فنسأل الله الإخلاص في القولِ والعمل، ومتابعة الحق في كل أمر بلا ابتداع أو زلل، ونسأله سبحانه دخولَ الفردوس دون حساب ولا انتظار يوم الحشر أو ملل، إنه رحيم قريب بَرٌّ كريم.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾.
قال مجاهد: (قريش تقوله للأوثان، ومن قَبْلهم يقوله للملائكة ولعيسى بن مريم ولعزَير).
وقال قتادة: (قالوا ما نعبدُ هؤلاء إلا ليقربونا، إلا ليشفعوا لنا عند الله). وقال السدي: (هي منزلة). فأخبر سبحانهُ عن عبّاد الأوثان أنهم إنما يحملهم على عبادتهم هو أن هذه الأصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين كما زعموا فهم يرجون بذلكَ شفاعتهم عند الله لنصرهم ورزقهم في الدنيا وحمايتهم مما ينوبها، وأما الآخرة والبعث