المطر من خلاله، واستبشار القوم الذين كانوا قبل نزوله قانطين آيسين. فانظر يا محمد إلى رحمة ربك وقدرته على إحياء الأرض اليابسة بعد موتها، وهو القادر على بعث الموتى من قبورهم لو كانوا يعلمون. إنه لو تابع ربك -يا محمد- بريح مفسدة للزرع لنسي القوم نعمة الله قبل ذلك ولظلوا من بعده يكفرون.
فقوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ﴾.
قال القاسمي: (إما سائرًا وواقفًا، مطبقًا وغير مطبق، من جانب دون جانب، إلى غير ذلك).
والآية: إخبار من الله تعالى عن قدرته بإنشاء السحاب وجمعه ونشره في السماء كيف يشاء، لينزل منه الماء.
وقوله: ﴿وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا﴾. قال قتادة: (أي قطعًا). وقال الضحاك: (متراكمًا). وقوله: ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ﴾. قال مجاهد: (الودق: القطر). وقال قتادة: (﴿فَتَرَى الْوَدْقَ﴾ يعني: المطر ﴿يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ﴾ يعني: من بين السحاب).
وقوله: ﴿فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: فإذا صرف ذلك الودق إلى أرض من أراد صرفه إلى أرضه من خلقه رأيتهم يستبشرون بأنه صرف ذلك إليهم ويفرحون).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾. قال قتادة: (أي قانطين).
والمقصود: وإن كان هؤلاء القوم الذين أُمطروا قانطين آيسين من نزوله، فلما جاءهم المطر أشرقت نفوسهم بالفرح ووقع منهم موقعًا عظيمًا.
قال النسفي: (﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ كرر التأكيد. كقوله: ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا﴾ [الحشر: ١٧]. ومعنى التوكيد فيها الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول فاستحكم بأسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك).
وقوله: ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾.
أي: فانظر يا محمد إلى أثر الغيث الذي أكرم الله به من شاء من عباده كيف أحيا أرضهم بعد موتها ويبسها.