كلام الباطل واللهو وآلات الطرب. وتفصيل ذلك من أقوال المفسرين:
١ - قال ابن عباس: (قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قال: باطل الحديث: هو الغناء ونحوه). أو قال: (هو الغناء والاستماع له).
٢ - وقال قتادة: (والله لعله أن لا ينفق فيه مالًا، ولكن اشتراؤه استحبابُه، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق، وما يضر على ما ينفع).
٣ - روى ابن جرير بسند جيد عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري، أنه سمع عبد الله بن مسعود وهو يسأل عن هذه الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ فقال عَبْدُ الله: (الغناء والذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات).
ورواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن مسعود قال: (﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾، هو والله الغناء).
٤ - وقال مجاهد: (﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ قال: المغَنّي والمغنية بالمال الكثير، أو استماع إليه، أو إلى مثله من الباطل). قال: (شراء المغنية). وقال أيضًا: (الغناء والاستماع له وكل لهو).
٥ - قال ابن جريج: (اللهو: الطبل). وقال الضحاك: (﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ هو يعني الشرك).
قلت: وكلها أقوال متقاربة متكاملة، مفادها وصف سلوك أهل الشقوة في إعراضهم عن الوحي الكريم، إلى كلام الباطل والغناء واللهو المشين، وآلات الطرب من مزامير الشيطان الرجيم، مستهترين مستهزئين بمعاني الحق التي خُلقوا لها والتي سيسألون عنها ثم ينتظرهم عذاب أليم، مهين كما استهانوا بآيات الله وسبيله وشرعه.
وقد أخرج الترمذي بسند حسن عن أبي أمامة عن رسول الله - ﷺ - قال: [لا تبيعوا القَيْنات ولا تَشْتَروهُنَّ ولا تُعَلِّموهُنَّ ولا خَيْرَ في تجارة فيهن وثَمَنُهُنَّ حرامٌ. وفي مثل هذا أنزلت هذه الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ إلى آخر الآية] (١).