فقال: يا رسول الله، مَنْ أحقُّ الناس بِحُسْن صَحابتي؟ قال: أمُّكَ. قال: ثم مَنْ؟ قال: ثم أُمُّكَ. قال: ثم مَنْ؟ قالَ: ثم أُمُّكَ. قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: ثُمَّ أبوك] (١).
وقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾. أي: تعرف على ربك بالشكر وعلى والديك بالبر، ثم المرجع إلى الله يجزي جزيل الثواب. وفي تأويل ﴿أَنِ﴾ قولان متكاملان:
١ - ﴿أنْ﴾ في موضع نصب. والتقدير: ووصينا الإنسان بوالديه أن اشكر لي. ذكره الزجاج.
٢ - ﴿أنْ﴾ التفسيرية. قال النحاس: (وأجود منه أن تكون ﴿أن﴾ مفسرة، والمعنى: قلنا له أن اشكر لي ولوالديك).
قيل: الشكر لله على نعمة الإيمان، والشكر للوالدين على نعمة التربية والإحسان.
وجاء التخصيص للوالدة مقابل تعبها وسهرها ومشقتها في رعاية طفلها ليلًا ونهارًا، ليتذكر الولد إحسانها إليه، وجميل العناية التي قدمته له.
وفي التنزيل:
﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٤].
قال سفيان بن عُيَينة: (من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما).
وخَتَم الله تعالى الآية بقوله: ﴿إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ ليحث عبده على المسارعة في طاعة الله وبر والديه لينال ما خبأ الله له من أوفر الجزاء وأكرم الثواب.
أخرج الحاكم بسند صحيح لغيره عن عمرو بن ميمون الأودي قال: [قام فينا معاذ بن جبل فقال: يا بني أود! إني رسولُ رسولِ الله - ﷺ -: تعلمونَ المعادَ إلى الله، ثم إلى الجنة أو إلى النار، وإقامةٌ لا ظعن فيه، وخلودٌ لا موت، في أجساد لا تموت] (٢).
(٢) صحيح لغيره. أخرجه الحاكم (١/ ٨٣)، وأورده الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٣٩٦) بنحوه، وقال: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط". وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٦٦٨).