لأمره محسنًا في عمله فقد استمسك بأوثق عروة من حبل متين لا يخشى انقطاعه. قال القاسمي: (وهو تمثيل لحال المؤمن المخلص المحسن، بحال من أراد رقيّ شاهق، فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلّي منه).
وقوله: ﴿وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾. قال النَسفي: (أي هي صائرة إليه فيجازي عليها).
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
أي: ومن أصَرَّ على الكفر بالله وبما أنزل عليك - يا محمد - فلا تحزن عليه، فإن قدر الله نافذ به، فيجمعهم جميعًا ليوم الفصل فيجازيهم بما اجترحوا إنه تعالى لا تخفى عليه منهم خافية.
وقوله تعالى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾.
قال القرطبي: (أي نبقيهم في الدنيا مدة قليلة يتمتعون بها. ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ﴾ أي نلجئهم ونسوقهم ﴿إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ وهو عذاب جهنم. ولفظ ﴿مَنْ﴾ يصلح للواحد والجمع، فلهذا قال: "كفرُه" ثم قال: "مَرْجِعهم" وما بعده على المعنى).
٢٥ - ٢٨. قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧) مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨)﴾.
في هذه الآيات: إقرارُ المشركين لله خلق السماوات والأرض ومع ذلك هم يعبدون غيره وأكثرهم جاهلون. إن الله له ما في السماوات والأرض، وأقلام الدنيا وبحارها لو كانت مدادًا لا تكفي لكتابة كلمات الله وأسمائه ونعت صفاته وهو العزيز الحكيم. وما خَلْقُ الله الناس كلهم وبعثهم إلا كَخَلْقِ نفس واحدة وبعثها وهو السميع البصير.
فقوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾. قال القرطبي: (أي هم يعترفون بأن الله خالقهن فلِمَ يعبدون غيره).