عِظَمِ البلاء، وإنَّ الله تعالى إذا أحَبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سَخِطَ فَلَهُ السُّخطُ] (١).
وقوله: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾.
أي: وإذا غشي هؤلاء الذين يدعون مع الله غيره من الأوثان والطواغيت موج في البحر ﴿كَالظُّلَلِ﴾ أي: كالجبال والغمام، أخلصوا الدعاء لله وحده، فلما نجاهم إلى البر عادوا إلى شركهم. قال مجاهد: (﴿فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾: أي كافر). وقال ابن زيد: (هو المتوسط في العمل). اْي: فقابل النجاة من تلك الأهوال العظيمة التي أشرف معها على الهلاك بالجحود والكفر أو بضعيف الصلة بالله وبطيء المبادرة في الخيرات.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾ [الإسراء: ٦٧].
وفي سنن أبي داود ومسند أحمد بإسناد صحيح عن أبي تميمة قال: [شهدت رسول الله - ﷺ - وأتاه رجل فقال: أنت رسول الله أو قال أنت محمد؟ فقال: نعم. قال: فإلامَ تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحْدَه، مَنْ إذا كان بك ضر فدعوتَهُ كشفه عنك، ومن إذا أصابك عامُ سنة فدعوته أنبت لك، ومن إذا كنت في أرض قَفْرٍ فأضللت فدعوته ردّ عليك] (٢).
وقوله: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾. قال ابن عباس: (كل جحاد كفور).
وقال مجاهد: (﴿كُلُّ خَتَّارٍ﴾: كلّ غدار). وقال قتادة: (﴿كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾، الختار: الغدار، كل غدار بذمته كفور بربه).

(١) حديث حسن. أخرجه الترمذي (٢/ ٦٤)، وابن ماجة (٤٠٣١) من حديث أنس. وانظر صحيح الجامع الصغير (٢١٠٦) والحديث إسناده حسن، رجاله ثقاث.
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح سنن أبي داود (٣٤٤٢)، وتخريج المشكاة (٩١٨)، ورواه أحمد في المسند. انظر صحيح الجامع (٢٤٢).


الصفحة التالية
Icon