وفي الأثر عن علي - رضي الله عنه -: (المكر غدر، والغدر كفر) رواه ابن جرير. وفي لغة العرب: الخَتْر. هو أتمُّ الغدر وأبلغه. قال الرازي: (الخَتْر: الغدر. يقال: خَتَرَه فهو خَتّار).
والمقصود: ما يكفر بحجج الله وأدلة توحيده وإفراده بالتعظيم إلا كل غدّار بعهده جحود نعم ربه عليه، فهو يكفرها ولا يشكرها ويتناساها ولا يذكرها.
٣٣ - ٣٤. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
في هذه الآيات: أمْرُ الله تعالى عباده أن يصدقوه التقوى ويستعدوا للقائه في يوم لا يدفع والد عن ولده ولا ولد عن والده شيئًا، وأن يحذروا غرور هذه الحياة الدنيا وغرور الشيطان الرجيم. إن الله تعالى وحده الذي يعلم وقت الساعة وينزل المطر ويعلم ما في الأرحام وما يكون في الغد من قضاء على كل نفس من عمل أو موت وهو العليم الحكيم.
فقوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا﴾. تخويف من الله عباده نفسه، والمشهد الرهيب يوم القيامة بين يديه، فلو أراد والد أن يفدي ولده بنفسه لما قُبل منه. وكذلك الولد لو أراد فداء والده بنفسه لم يُقبَلَ منه.
قال القاسمي: (أي ليس بمغن أحدهما عن الآخر شيئًا، لانقطاع الوُصَل في ذلك اليوم الرهيب).
وقوله: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾. قال ابن جرير: (يقول: اعلموا أن مجيء هذا اليوم حقّ، وذلك أن الله قد وعد عباده ولا خلف لوعده).
وقوله: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾. أي: لا تخدعنكم بلذاتها ومباهجها