الجبال ظاهرةً لطالبيها، وليبصر أن الأرض والجبال أثقال كلها مفتقرة إلى ممسك وهو اللَّه عز وجل).
وقوله: ﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾ فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: أي أنبت فيها الشجر. فَعَن السدي: (﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾ أنبت شجرها).
التأويل الثاني: أي أدام الخير فيها. قال ابن جرير: (يقول: وبارك في الأرض فجعلها دائمة الخير لأهلها).
التأويل الثالث: أي خدّمها بالمنافع وما سيحتاجه الخلق فيها. قال القرطبي: (﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾: بما خلق فيها من المنافع).
التأويل الرابع: قيل بل المراد الماء والزرع والثمر. أي: وبارك بالماء والزرع والشجر والثمر.
قلت: وكلها تفاسير متقاربة، واختلافات تنوع لا تضاد، غايتها أن اللَّه سبحانه قد بارك في الأرض، بما أودع فيها من الخيرات والمنافع والمياه والثمار، لتكون عونًا في المستقبل للإنسان حين يعيش فيها، فتكفيه مؤنتها، عَلّهُ يشكر بذلك خالقها، ولا ينتكس جاحدًا متكبرًا كشيطانها. ويدل على هذا قوله بعدها: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ وفيه معان جميلة ذكرها المفسرون:
المعنى الأول: قيل المراد أرزاقها. قال الحسن: (أرزاق أهلها ومصالحهم). وقال ابن زيد: (قدر فيها أرزاق العباد، ذلك الأقوات). وقال السدي: (يقول: أقواتها لأهلها).
المعنى الثاني: قيل المراد ما يصلحها. فعن قتادة: (قوله: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ قال: صلاحها).
المعنى الثالث: قيل المراد الجبال والأنهار والأشجار. فعن مجاهد قال: (خلق فيها أنهارها وأشجارها ودوابها في يوم الثلاثاء والأربعاء). وعن قتادة: (﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾: خلق فيها جبالها وأنهارها وبحارها وشجرها، وساكنها من الدواب كلها). وفي رواية قال: (جبالها ودوابها وأنهارها وبحارها).
المعنى الرابع: قيل المراد المطر. فعن مجاهد: (في قوله: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ قال: من المطر).