ابن عباس: (أي بيَّنا لهم). وقال قتادة: (بَيَّنَا لهم سبيل الخير والشر). وقال ابن زيد: (أعلمناهم الهدى والضلالة ونهيناهم أن يَتَّبعوا الضلالة، وأمرناهم أن يتبعوا الهدى).
وقوله: ﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾. قال السدي: (اختاروا الضلالة والعمى على الهدى). وقال ابن عباس: (أرسل اللَّه إليهم الرسل بالهدى فاستحبوا العمى على الهدى).
وقوله: ﴿فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ﴾. قال السدي: (عذاب الهون: الهوان). والمقصود: لما آثروا حياة العمى على الهدى بعث اللَّه عليهم صيحة ورَجْفةً وذلًا وهوانًا وعذابًا مخزيًا.
وقوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ أي: بما قدموا لأنفسهم من التكذيب والعناد والجحود.
وقوله تعالى: ﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾.
قال القرطبي: (يعني صالحًا ومن آمن به، أي ميزناهم من الكفار، فلم يحلّ بهم ما حَلَّ بالكفار، وهكذا يا محمد نفعل بمؤمني قومك وكفارهم).
١٩ - ٢٤. قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤)﴾.
في هذه الآيات: نَعْتُ اللَّه تعالى مشهد الحشر وقد دُفِعَ الطغاة إلى نار جهنم ونطقت جوارحهم بجرائمهم، فاستنكروا على جلودهم شهادتهم عليهم، فأجابوهم بأنهم نطقوا بأمر اللَّه لهم، وقد كانوا لا يستترون، ويظنون أن اللَّه لا يعلم كثيرًا مما يعملون، فأوصلهم ظنهم ذلك باللَّه إلى عذاب الخزي في النار هم فيها خالدون.