على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قرأ، قريش تفعله). وعن قتادة قال: (أي اجحدوا به وأنكروه وعادوه، قال: هذا قول مشركي العرب). وعن معمر، قال بعضهم في قوله: ﴿وَالْغَوْا فِيهِ﴾ قال: (تحدثوا وصيحوا كيما لا تسمعوه). قال ابن جرير: (﴿لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾: لعلكم بفعلكم ذلك تصدون من أراد استماعه عن استماعه فلا يسمعه، وإذا لم يسمعه ولم يفهمه لم يتبعه، فتغلبون بذلك من فعلكم محمدًا).
وقوله: ﴿فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا﴾. تَوَعُّدٌ من اللَّه المشركين على سوء ما مكروا وما بيّتوا.
وقوله: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. قال النسفي: (أي أعظم عقوبة على أسوأ أعمالهم وهو الكفر).
وقوله: ﴿ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ﴾. قال القرطبي: (أي ذلك العذاب الشديد، ثم بينه بقوله ﴿النَّار﴾).
وقوله: ﴿لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾. أي: لهم فيها المكث الأبدي مقابل ما كانوا من حجج اللَّه ينكرون ويلغون.
وقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾. أي: الشيطانين اللذين كانا سبب غوايتهم، فإن الشياطين على ضربين جني وإنسي كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢].
وفي مسند الإمام أحمد بسند حسن عن أبي ذر، رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يا أبا ذر، تعوّذ باللَّه من شياطين الإنس والجن. فقلت: أوَ للإنس شياطين؟ قال: نعم] (١).
وقوله: ﴿نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾.
أي: نجعلهما أسفل منّا في العذاب ليشتد عليهم النكال، وليذوقوا ضعف الخزي والوبال، جزاء إضلالهم إيانا وصيرورتنا إلى هذا المآل.
٣٠ - ٣٢. قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ

(١) حديث حسن. أخرجه أحمد (٥/ ١٧٨ - ١٧٩)، والنسائي (٨/ ٢٧٥)، وله شواهد.


الصفحة التالية
Icon