أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)}.
في هذه الآيات: تَنَزُّلُ الملائكة بالأمن والطمأنينة والبشرى بالجنة للمؤمنين، والوَعْد بالنصر والتأييد في هذه الحياة الدنيا وفي دار الخلود والنعيم.
فقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾. قال مجاهد: (هم الذين قالوا ربنا اللَّه ثم لم يشركوا به حتى لقوه). وقال: (أسلموا ثم لم يشركوا به حتى لحقوا به). قال عكرمة: (استقاموا على شهادة أن لا إله إلا اللَّه).
والمقصود هم الذين أخلصوا الإيمان والعمل لوجه اللَّه كما شرع وثبتوا على ذلك حتى لقوا ربهم.
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عن سفيان بن عبد اللَّه الثقفي قال: [قلت: يا رسولَ اللَّه، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدك. قال: قل: آمنت باللَّه، ثم استقم] (١).
وفي لفظ أحمد: [قال: قلت يا رسول اللَّه، حدثني بأمر أعتصِم به. قال: قُل: ربي اللَّه، ثم استقم. قلت: يا رسول اللَّه، ما أكثرُ ما تخاف علىَّ؟ فأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بطرف لسان نفسه، ثم قال: هذا] (٢). وفي لفظ آخر: [قال فما أتقي؟ فأومأ إلى لسانه].
وقوله: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾.
"أنْ" في موضع نصب. والتقدير: بأن لا تخافوا ولا تحزنوا. قال مجاهد: (عند الموت). وقال: (لا تخافوا ما تقدمون عليه من أمر الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفتم من دنياكم من أهل وولد، فإنا نخلفكم في ذلك كله). وعن السدي: (﴿أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ قال: لا تخافوا ما أمامكم ولا تحزنوا على ما بعدكم).
وقوله: ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾. قال السدي: (في الدنيا). وقال
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ٤١٣)، والترمذي (٢٤١٠)، وابن ماجة (٣٩٧٢)، وانظر للفظ الآخر مسند أحمد (٣/ ٤١٣)، (٣/ ٤١٣) ـ (٣/ ٣٨٤)، والدارمي (٢/ ٢٩٦)، وصحيح ابن حبان (٥٦٩٨)، وإسناده صحيح، وله طرق.