وأصله في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي اللَّه عنه قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [مَنْ أحَبَّ لقاء اللَّه، أحَبَّ اللَّه لقاءه، ومن كره لقاء اللَّه، كره اللَّه لِقاءه. فقلت: يا نبي اللَّه! أَكراهيةُ الموتِ؟ فَكُلُّنا نَكْرهُ المَوْتَ، فقال: ليْسَ كذلِك، ولكِنَّ المؤمِنَ إذا بُشِّرَ برحمة اللَّه ورضوانِه وجَنَّتِهِ، أحبَّ لقاءَ اللَّه، فأحَبَّ اللَّه لقاءه، وإنَّ الكافر إذا بُشِّرَ بعذاب اللَّه وسَخَطِه، كَرِهَ لِقاءَ اللَّه، وكَرِهَ اللَّه لقاءَه] (١).
٣٣ - ٣٦. قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)﴾.
في هذه الآيات: الثناءُ الحسن على الدعاة إلى اللَّه أهل العمل الصالح والمثل الأعلى في المسلمين. والأمر بمدافعة السيئة بالتي هي أحسن فإذا صاحب العداوة كأنه ولي حميم. والإخبار عن بلوغ مراتب الجنة العالية أهل الصبر وأصحاب الحظ العظيم. والأمر بالاستعاذة باللَّه من همزات ووساوس الشيطان الرجيم.
فقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. قال الحسن: (هذا حبيب اللَّه، هذا وليّ اللَّه، هذا صفوة اللَّه، هذا خيرة اللَّه، هذا أحبُّ الخلق إلى اللَّه، أجاب اللَّه في دعوته ودعا الناس إلى ما أجاب اللَّه فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال إنني من المسلمين).
وعن قتادة قال: (هذا عبد صدق قولَه عملُه، ومولجَه مخرجُه، وسرَّه علانيته، وشاهده مغيبه، وإن المنافق عبد خالف قولَه عملُه، ومولجَه مخرجُه، وسرَّه علانيته، وشاهده مغيبه).
واختلف في المعني بذلك: فعن السدي: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ قال محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- حين دعا إلى الإسلام).

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٦٨٤) - كتاب الذكر والدعاء. ح (١٥)، (١٦).


الصفحة التالية
Icon