وعن قيس بن أبي حازم قال: (﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ قال: المؤذن، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ قال: الصلاة ما بين الأذان إلى الإقامة).
قلت: بل الآية عامة في صفات خير العباد، وهم الأنبياء والرسل وأتباعهم من العلماء والقادة والدعاة إلى اللَّه وأهل العمل الصالح على منهاج النبوة.
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق ذلك في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج ابن نصر في "الصلاة"، والحاكم في المستدرك، بإسناد صحيح -رجاله كلهم ثقات- عن العلاء بن زياد قال: [سأل رجل عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فقال: أي المؤمنين أفضل إسلامًا؟ قال: "أفضل المؤمنين إسلامًا من سلم المسلمون من لسانه ويده، وأفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات اللَّه، وأفضل المهاجرين من جاهد لنفسه وهواه في ذات اللَّه". قال: أنت قلته يا عبد اللَّه بن عمرو أو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: بل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله] (١).
ورواه الطبراني بلفظ: [أفضل المؤمنين إسلامًا من سَلم المسلمون من لسانه ويده، وأفضل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلقًا، وأفضلُ المهاجرين مَنْ هَجَرَ ما نهى اللَّه تعالى عنه، وأفضل الجِهاد من جَاهَدَ نفسه في ذات اللَّه عزَّ وجلَّ].
ورواه الحاكم من طريق عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده مرفوعًا به دون ذكر الهجرة، وذكر: [أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر] (٢).
الحديث الثاني: أخرج الديلمي بسند صحيح لغيره عن معقل بن يسار مرفوعًا: [أفضل الإيمان الصبرُ والسماحة] (٣).
الحديث الثالث: أخرج أحمد والبخاري ومسلم وأصحاب السنن عن أبي سعيد الخدري: [أنّ رجلًا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أي الناس أفضل؟ فقال: أفضل الناس (وفي رواية: خير الناس) رجلٌ يجاهد في سبيل اللَّه بماله ونفسه، ثم مؤمن في شعبٍ من

(١) أخرجه ابن نصر في "الصلاة" (١٤٢/ ٢) بسند صحيح رجاله كلهم ثقات. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٤٩١)، وصحيح الجامع الصغير (١١٤٠).
(٢) أخرجه الحاكم (٣/ ٦٢٦)، وبنحوه ابن نصر في "الصلاة" (١٤٣/ ٢).
(٣) أخرجه الديلمي (١/ ١/ ١٢٨)، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم - ٤٣)، من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما، ورجاله ثقات.


الصفحة التالية
Icon