ولا مفوض إليك إحصاء أعمالهم، وإنما أنت منذر فبلغهم ما أرسلت به إليهم.
٧ - ٩. قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٨) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩)﴾.
في هذه الآيات: تشريف اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذا القرآن العربي المبين، لينذر به أهل مكة ومن حولهم يوم الحشر العظيم، ولو شاء اللَّه لهداهم أجمعين، ولكن حقت كلمة الخزي والذل على الظالمين.
فقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾. قال ابن كثير: (يقول تعالى: وكما أوحينا إلى الأنبياء قبلك ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾، أي: واضحًا جليًا بَيِّنًا).
وقوله: ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾. قال السدي: (مكة). وقال النسفي: (أي مكة لأن الأرض دحيت من تحتها، أو لأنها أشرف البقاع والمراد أهل أم القرى).
قلت: وفي لغة العرب - أم كل شيء أصله ومركزه، فسميت مكة أم القرى لأنها توسطت الأرض، فجمعت بين الوسطية والمكانة والشرف.
أخرج ابن ماجة والترمذي بسند صحيح عن محمد بن مسلم، أنه قال: إن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أخبره، أن عبد اللَّه بن عدي بن الحمراء قال له: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو على ناقته، واقف بالحَزْوَرَة يقول: [واللَّه! إنَّك لَخَيْرُ أرضِ اللَّه، وأحَبُّ أَرْضِ اللَّه إليَّ. واللَّه! لولا أنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ، ما خرجْتُ] (١).
وفي صحيح البخاري وسنن ابن ماجة عن صفيَّةَ بنت شيبة قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب عام الفتح، فقال: [يا أيها الناسُ! إنَّ اللَّه حَرَّمَ مَكَّةَ يومَ خلقَ السماوات