والأرض. فهي حرامٌ إلى يوم القيامة. لا يُعْضَدُ شَجَرُها، ولا يُنَفَّرُ صَيْدُها، ولا يأخُذُ لُقَطَتَها إلا منشِدٌ] (١).
وقوله: ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾. قال ابن جرير: (ومن حول أم القرى من سائر الناس). وقوله: ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ﴾. أي يوم القيامة. يوم يجمع اللَّه الأولين والآخرين في صعيد واحد. وقوله: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾. أي: لا شك في حدوثه ووقوعه.
وقوله: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾. قال القاسمي: (أي منهم فريق في الجنة، وهم الذين آمنوا باللَّه، واتبعوا ما جاءهم به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وفريق في السعير، أي النار الموقدة المسعورة على أهلها. وهم الذين كفروا باللَّه وخالفوا ما جاءهم به رسوله).
أخرج الإمام أحمد والنسائي والترمذي بسند حسن عن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما قال: [خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي يده كتابان، فقال أتدرون ما هذان الكتابان؟ قال: قلنا لا إلّا أن تُخْبِرَنا يا رسول اللَّه، فقال للذي في يده اليمنى، هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أُجْمِلَ على آخرهم، فلا يُزاد فيهم ولا يُنْقَصُ منهم أبدًا. ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أُجْمِلَ على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقصِ منهم أبدًا. فقال أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فلأي شيء إذن نعملُ إن كان هذا أمْرًا قد فُرِغَ منه؟ قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: سددوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل، ثم قال بيده فقبضَها، ثم قال: فرغ ربكم عز وجل من العباد، ثم قال باليمنى فنبذ بها فقال: فريق في الجنة، ونبذ باليسرى فقال: فريق في السعير] (٢).
وفي صحيح مسلم من حديث علي مرفوعًا: [ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب اللَّه مكانها من الجنة والنار، وإلا وقد كتبت شقيةً أو سعيدةً. فقال رجل: يا رسول اللَّه أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة، فقال: اعملوا فكل مُيَسَّرٌ، أما أهل السعادة فيُيَسَّرون لعمل أهل السعادة،
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٢١٤١)، والنسائي في "الكبرى" (١١٤٧٣)، وأحمد (٢/ ١٦٧). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤٦)، وصحيح الجامع الصغير (٨٨).