وأما أهل الشقاوة فييسَّرون لعمل أهل الشقاوة. ثم قرأ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾] (١).
وفي مسند أبي يعلى بإسناد حسن عن أنس مرفوعًا: [إنَّ اللَّه عز وجل قبض قبضة فقال: في الجنة برحمتي، وقبض قبضة فقال: في النار ولا أبالي] (٢).
وفي مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي -وكان من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرفوعًا: [إنَّ اللَّه عز وجل خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، وقال: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي، فقال قائل: يا رسول اللَّه فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر] (٣).
وقد بسطت هذا المفهوم وأنواع الكتابة في اللوح المحفوظ في أبحاث القدر في كتابي: أصل الدين والإيمان -عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان- فلله الحمد والمنة.
وقوله: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. قال الضحاك: (أهل دين واحد، أهل ضلالة أو أهل هدى).
وقوله: ﴿وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾. قال أنس بن مالك: (في الإسلام). وقوله: ﴿وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾. أي يدخل خلقه كلهم الجنة إلا ما لا خير فيهم: ﴿وَالظَّالِمُونَ﴾ أي: الكافرون، ﴿مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ﴾ أي: شافع، ﴿وَلَا نَصِيرٍ﴾ أي: دافع.
وقوله: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾. إنكار من اللَّه تعالى على المشركين اتخاذهم آلهة من دون اللَّه، وإخبارٌ أنه سبحانه هو الولي الحق الذي لا يستحق أحد العبادة غيره.
وقوله: ﴿وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. أي: وهو القادر على إحياء خلقه بعد موتهم، وهو القادر على كل شيء فلا يعجزه شيء.

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨/ ٤٦ - ٤٧)، وانظر مختصر صحيح مسلم (١٨٤٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (٢/ ١٧١)، وابن عدي في "الكامل" (٦٦/ ٢)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ١٨٦)، وابن حبان (١٨٠٦)، ورواه الحاكم (١/ ٣١) وقال: صحيح. ووافقه الذهبي. وأقره الألباني في "الصحيحة" (٤٨).


الصفحة التالية
Icon