وطرفه بأيديكم فتمسكوا به، فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدًا] (١).
وقوله تعالى: ﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ﴾ فيه تأويلان محتملان:
١ - قال ابن عباس: (أحسبتم أن نصفح عنكم ولما تفعلوا ما أُمرتم به). وقال مجاهد: (تكذبون بالقرآن ثم لا تعاقبون عليه). واختاره ابن جرير.
٢ - وقال قتادة: (واللَّه لو أن هذا القرآن رُفِعَ حين رَدّته أوائلُ هذه الأمةِ لَهَلكُوا، ولكن اللَّه تعالى عاد بعائدته ورحمته، وكرَّره عليهم، ودعاهم إليه عشرين سنة، أو ما شاء اللَّه من ذلك).
وقال: (الذكر ما أنزل عليهم مما أمرهم اللَّه به ونهاهم. ﴿صَفْحًا﴾: لا يذكر لكم منه شيئًا). وقوّاه ابن كثير وقال: (وقول قتادة لطيفُ المعنى جدًّا، وحاصِلُهُ أنه يقول في معناه: أنه تعالى من لُطفه ورحمته بخلقه لا يترك دُعاءَهم إلى الخير وإلى الذكر الحكيم -وهو القرآن- وإن كانوا مسرفين مُعرضين عنه، بل أمرَ به ليهتديَ به من قَدَّر هدايته، وتقومَ الحجة على من كتبَ شقاوَته).
وقوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ﴾.
"كمْ" هنا خبرية، يراد بها التكثير. والمعنى: ما أكثر ما أرسلنا من الأنبياء في الأمم السالفة. قال النسفي: (أي كثيرًا من الرسل أرسلنا إلى من تقدمك).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾.
تسلية لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عما يلقاه من استهزاء قومه وتكذيبهم. والمعنى: إنها قصة مستمرة، وحال ماضية في الأمم، فإنه لم يكن يأتيهم نبي إلا قابلوه بالسخرية والاستهزاء كما قابلك قومك.
وقوله: ﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا﴾ أي: فأهلكنا قومًا أشد من قومك -يا محمد- قوة، في أبدانهم وأتباعهم وأموالهم.
وقوله: ﴿وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ﴾. قال قتادة: (عقوبة الأولين). وقال مجاهد: (سنّتهم). قال القاسمي: (أي سلف في القرآن في غير موضع منه، ذكر قصتهم وحالهم