وقوله: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾. قال مجاهد: (للأوثان). قال القرطبي: (يعني قال المشركون على طريق الاستهزاء والسخرية: لو شاء الرحمن على زعمكم ما عبدنا هذه الملائكة).
والمقصود: كان منطق المشركين أن لو أراد اللَّه لحال بيننا وبين عبادة هذه الأصنام التي هي على صور الملائكة التي هي بنات اللَّه، فجمعوا بذلك بين أنواع كبيرة من الخطأ:
أ- جعلهم للَّه ولدًا.
ب- دعواهم أنه اصطفى البنات على البنين فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا.
ج- عبادتهم لهم بلا دليل وإنما خبْط الجاهلية.
د- احتجاجهم بالقدر على عبادتهم الفاسدة.
وقوله: ﴿مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ﴾. قال قتادة: (أي ما لهم بقولهم: الملائكة بنات اللَّه، من علم). والمقصود: ما لهم بصحة ما قالوه واحتجوا به من علم يُرجع إليه وإنما هو الكذب والادعاء.
وقوله: ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾. أي يكذبون ويتقوّلون. قال مجاهد: (﴿إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾: ما يَعْلَمُونَ قُدْرةَ اللَّه على ذلك). وذلك أنهم زعموا أن اللَّه أمرهم بتلك العبادة أو رضيها منهم.
٢١ - ٢٥. قوله تعالى: ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٢٤) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥)﴾.
في هذه الآيات: يقول سبحانه: أم آتينا هؤلاء المتخرصين القائلين لو شاء الرحمن ما عبدناهم كتابًا بحقيقة قولهم من قبل القرآن، أو من قبل قولهم وشركهم، فهم مستمسكون يعملون به؟ ! كلا بل حجتهم آباؤهم، شأن الأمم الهالكة قبلهم.
فقوله تعالى: ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾. إنكارٌ على المشركين عبادتهم دون دليل وبرهان. قال النسفي: (﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ﴾ من