قبل القرآن أو من قبل قولهم هذا ﴿فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾ آخذون عاملون).
وقوله تعالى: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾. احتجاج فاسد بمنهاج الآبائية، ولا سيما أن آباءهم لم يكونوا أهل رشد وصواب.
وعن مجاهد: (﴿عَلَى أُمَّةٍ﴾: مِلّة). قال ابن عباس: (وجدنا آباءنا على دين). وعن قتادة: ﴿وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾: وإنا متبعوهم على ذلك).
وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾. تَسْلِيةٌ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تقليد الآباء داء قديم، فإنه ما أرسلنا يا محمد من نبي في أمة قبلك إلا قال متنعموها -ممن أترفتهم النعمة وأبطرتهم فلم يألفوا إلا الشهوات والملاهي فهم يعافون مشاق الدين وتكاليفه- إنا عهدنا آباءنا على طريقة في الدين وإنا على منهاجهم سالكون.
قال قتادة: (﴿مُتْرَفُوهَا﴾: رؤساؤهم وأشرافهم). وقال مجاهد: (﴿وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ بفعلهم). أي: وكذلك يا محمد فقد سلك مشركو قومك منهاج من قبلهم فلا تحزن عليهم.
وقوله: ﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾. أي: قل لهم -يا محمد- أو لو جئتكم بأدل من سبيل الرشاد من ملة آبائكم؟
وقوله: ﴿قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾. قال القرطبي: (قالوا: إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه وإن جئتنا بما هو أهدى).
وقوله تعالى: ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾. أي: فانتقمنا منهم بألوان العذاب من قحط وقتل وخسف وغرق وسبي وغير ذلك، فانظر -يا محمد- كيف كان مآل من كذب الرسل. قال قتادة: (شرٌّ واللَّه، أخذهم بخسف وغرق، ثم أهلكهم فأدخلهم النار).
٢٦ - ٣٥. قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (٣٠) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ


الصفحة التالية
Icon