كان هذا لأن قريشًا لما استعصوا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا عليهم بسنين كسنين يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ قال: فَأُتِي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقيل: يا رسول اللَّه، استسق اللَّه لمضر فإنها قد هلكت، قال: لمضر؟ إنك لجريء، فاستسقى فسقوا، فنزلت: ﴿إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾. فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية، فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ قال: يعني يوم بدر].
وفي رواية لمسلم: [جاء إلى عبد اللَّه رجل فقال: تركت في المسجد رجلًا يفسر القرآن برأيه، يفسِّر هذه الآية: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان فيأخذ بأنفسهم حتى يأخذهم منه كهيئة الزكام. فقال عبد اللَّه: مَنْ عَلِم عِلْمًا فليقل به ومن لم يعلم فليقل اللَّه أعلم، فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا علم له به: اللَّه أعلم. إنما كان هذا فذكره].
وفي رواية: [فجعل الرجل ينظرُ إلى السماء، فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجَهْدِ، قال اللَّه تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، فَأُتِي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقيل: يا رسول اللَّه، استسق اللَّه لِمُضَرَ، فإنها قد هَلَكَت. فاستسقى لهم فَسُقُوا، فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾. قال ابن مسعود: فيكشِفُ العذابَ عنهم يومَ القيامة؟ ! فلما أصابهم الرفاهية عادوا إلى حالهم، فأنزل اللَّه: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾، قال: يعني يوم بدر. قال ابن مسعود: فقد مضى خمسة: الدخان، والرومُ، والقمرُ، والبطشة، واللِّزام] (١).
وأخرجه الطبراني بسند صحيح عن مسروق قال: [دخلنا المسجد -يعني مسجد الكوفة- عند أبواب كِنْدَةَ، فإذا رجلٌ يقصُّ على أصحابه: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾، تدرون ما ذلك الدخان؟ ذلك دخان يأتي يومَ القيامة، فيأخذ بأسماعِ المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام، قال: فأتينا ابنَ مسعود فذكرنا