ذلك له، وكان مُضْطجعًا فَفَرغ فقعد، وقال: إن اللَّه عز وجل قال لنبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم-: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: ٨٦]، إنَّ مِنَ العِلم أن يقولَ الرجلُ لما لا يعلَم: اللَّه أعلم. سأحدِّثكم عن ذلك، إنَّ قُريْشًا لما أبطأتْ عن الإسلام واستَعْصَتْ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، دعا عليهم بسنين كسِني يوسُف، فأصابهم من الجَهد والجُوع حتى أكلوا العظامَ والمَيتة، وجعلوا يرفَعونَ أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان] (١).
وقد عدّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الدخان في الآياتِ التي تكون قبل قيام الساعة كما في حديث حُذيفة بن أَسِيدٍ الغفاري -في صحيح مسلم ومسند أحمد- قال: [اطّلَعَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكَرُ، فقال: ما تَذْكُرون؟ قالوا: نَذْكُرُ الساعة، قال: إنها لَنْ تقومَ حتى تَرَوْنَ قبلها عَشْرَ آيات. فذكر: الدُّخان، والدّجال، والدّابة، وطلوعَ الشمس مِنْ مَغْرِبِها، ونُزولَ عيسى بن مريم -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويأجوجَ ومأجوجَ، وثلاثةَ خُسوفٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِق، وخَسْفٌ بِالمَغْرِبِ، وخَسْفٌ بجزيرة العرب، وآخِرُ ذلك نارٌ تَخْرُجُ من اليمن، تطرُدُ الناس إلى مَحْشَرِهم] (٢).
قال ابن مسعود: [خمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: الدُّخَانُ، واللِّزامُ، والرُّوم، والبَطْشَةُ، والقَمَرُ] (٣).
وِفي صحيح مسلم عن أبي بن كعب، في قوله عز وجل: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ [السجدة: ٢١]. قال: [مصائبُ الدنيا، والرومُ، والبَّطْشَةُ، أو الدُّخان] (٤) -شُعْبَةُ هو الشّاك في البطشة أو الدخان-.
وقوله: ﴿يَغْشَى النَّاسَ﴾. أي: يتغشاهم ويَعُمُّهم. ﴿هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ -تقريع لهم وتوبيخ-. أي يقول اللَّه لهم: ﴿هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾.
هو قول قريش للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنْ كشف اللَّه عنّا هذا العذاب آمنا بك وأسلمنا معك. قال
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٩٠١) - كتاب الفتن، باب في الآيات التي تكون قبل الساعة. ورواه أحمد (٤/ ٦)، وابن أبي شيبة (١٥/ ١٦٣)، وأخرجه الحميدي (٨٢٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٧٩٨) ح (٤١) - كتاب صفات المنافقين. باب الدخان.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٧٩٩) - كتاب صفات المنافقين، الباب السابق.