قتادة: (العذاب هنا الدخان). وقال النقاش: (الجوع). وكلا المعنيين وارد ولا تناقض، فقد اجتمع عليهم الجهد والجوع والدخان.
وقوله تعالى: ﴿أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ﴾. أي: من أي وجه يتذكرون وقد تولوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والقرآن والحجج.
قال ابن عباس: (أي متى يتّعظون واللَّه أبعدهم من الاتعاظ والتذكر بعد تولّيهم عن محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وتكذيبهم إياه).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ﴾.
قال مجاهد: (تولوا عن محمد عليه الصلاة والسلام وقالوا معلم مجنون).
قال النسفي: (كيف يذكرون ويتعظون ويفون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب ﴿وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ﴾ أي: وقد جاءهم ما هو أعظم وأدخل في وجوب الاذّكار من كشف الدخان، وهو ما ظهر على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الآيات والبينات من الكتاب المعجز وغيره، فلم يذكروا وتولوا عنه وبهتوه بأنّ عَدَّاسًا غلامًا أعجميًا لبعض ثقيف هو الذي علمه، ونسبوه إلى الجنون).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾.
أي: إنا سنكشف عنكم العذاب الذي أنزلناه بكم زمانًا قليلًا أو كشفًا يسيرًا، ولكنكم سرعان ما تعودون إلى كفركم وغيكم وتنسون فضل ربكم.
قال ابن مسعود: (فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية) - رواه مسلم (١).
وقوله: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾.
قال ابن مسعود: (البطشة الكبرى: يوم بدر). قال ابن جرير: (فعادوا، فبطش بهم جل ثناؤه بطشته الكبرى في الدنيا فأهلكهم قتلًا بالسيف).
١٧ - ٣٣. قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ