بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلَا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (٢٨) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٢) وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (٣٣)}.
في هذه الآياتِ: تسليةُ اللَّه تعالى رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بذكر خبر موسى عليه السلام مع الطاغية فرعون، وتكذيب القوم بالوحي والنبوة حتى دكّهم اللَّه بالهلاك وتركوا الجنات والعيون، وأورثها اللَّه بني إسرائيل بعد أن نجّاهم، وأكرمهم بالتوراة والآيات ومحّص إيمانهم وابتلاهم.
فقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾.
أي: ولقد اختبرنا قبل فشركي قومك يا محمد قوم فرعون، وهم قبط مصر، وبعثنا فيهم موسى عليه الصلاة والسلام. قال قتادة: (قوله: ﴿رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ قال: موسى عليه السلام، ووصفه جل ثناؤه بالكرم لأنه كان كريمًا عليه، رفيعًا عنده مكانُهُ، وقد يجوز أن يكون وصفه بذلك لأنه كان في قومه شريفًا وسيطًا).
وقوله: ﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾.
قال قتادة: (يعني به بني إسرائيل، قال لفرعون: علام تحبس هؤلاء القوم، قومًا أحرارًا اتخذتهم عبيدًا، خلّ سبيلهم).
والآية كقوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾ [طه: ٤٧].
وقوله: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾. قال ابن جرير: (أمين على وحيه ورسالته التي أوعدنيها إليكم).