يغلي في البطون كغلي الحميم، ويؤمر بإدخال صاحبه إلى وسط الجحيم، ثم يصب على رأسه من ماء الحميم، ويقال لصاحبه استهزاء: ذق إنك أنت العزيز الكريم.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾.
قال القرطبي: (شجرة الزقوم: الشجرة التي خلقها اللَّه في جهنم وسمّاها الشجرة الملعونة، فإذا جاع أهل النار التجؤوا إليها فأكلوا منها، فغليت في بطونهم كما يغلي الماء الحار. وشبَّه ما يصير منها إلى بطونهم بالمُهْل، وهو النُّحاس المذاب).
وفي لغة العرب: أثم الرجل إثمًا ومأثمًا إذا وقع في الإثم، فهو آثم وأثيم وأثوم.
وعن يحيى بن سلام: (الأثيم: هو المشرك المكتسب للإثم).
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس: [أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ هذه الآية: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢] قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشَهم، فكيف بمن يكون طعامه] (١).
وقوله تعالى: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾.
قال مجاهد: (خذوه فادفعوه). وقال قتادة: (﴿إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ إلى وسط النار). وأصل العَتْل: أن تأخذ بتلابيب الرجل فتجرّه لتذهب به إلى حبس أو بليّة. فيقال يوم القيامة للزبانية خذوا هذا الأثيم فجرّوه وسوقوه إلى داخل جهنم.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ﴾.
قال ابن جرير: (-يقول-: ثم صبوا على رأس هذا الأثيم من عذاب الحميم يعني من الماء المسخن). وهو كقوله تعالى: ﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ﴾ [الحج: ١٩ - ٢٠].
وقوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾. استهزاء واستخفاف وتوبيخ وإهانة وانتقاص. أي: قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ. قال ابن عباس: (أي لست بعزيز ولا كريم).