وقوله تعالى: ﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.
قال ابن كثير: (واختلاف الليل والنهار، في تعاقُبهما دائِبينَ لا يَفتُران، هذا بظلامه وهذا بضيائه، وما أنزل اللَّه تعالى من السَّحاب من المطر في وقْتِ الحاجة إليه، وسَمَّاه رِزقًا لأنَّ به يحصل الرزق، ﴿فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾، أي: بعدما كانت هامدة لا نبات فيها ولا شيء. وقوله عز وجل: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾، أي: جَنوبًا وشمالًا، ودَبورًا وصَبًا، بَحْرية وبَرِّية، ليلية ونهارية. ومنها ما هو للمطر، ومنها ما هو لِلِّقاح، ومنها ما هو غذاءُ الأرواح، ومنها ما هو عقيمٌ لا ينتج. وقال سبحانه وتعالى أولًا: ﴿لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾، ثم ﴿يُوقِنُونَ﴾، ثم ﴿يَعْقِلُونَ﴾، وهو تَرَقٍّ من حال شريف إلى ما هو أشرف منه وأعلى).
وعن قتادة: (﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾ قال: تصريفها إن شاء جعلها رحمة، وإن شاء جعلها عذابًا).
وفي التنزيل نحو ذلك: قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٦٤].
أخرج الطبراني في "الأوسط"، واللالكائي في "السنة" بسند حسن لشواهده، عن عبد اللَّه بن عمر مرفوعًا: [تفكروا في آلاءِ اللَّه، ولا تفكروا في اللَّه عز وجل] (١).
وله شاهد عند أبي نعيم بسند حسن من حديث ابن عباس بلفظ: [تفكروا في خلق اللَّه، ولا تفكروا في اللَّه] (٢).
وشاهد آخر عنده عن عبد اللَّه بن سلام مرفوعًا بلفظ: [لا تفكروا في اللَّه، وتفكروا في خلق اللَّه، فإن ربَّنا خلقَ ملكًا، قدماه في الأرض السابعة السفلى، ورأسه قد جاوز
(٢) حديث حسن. انظر "الحلية" لأبي نعيم (٦/ ٦٦ - ٦٧)، وصحيح الجامع الصغير (٢٩٧٣).