نونُ الهوان من الهَوى مسروقةٌ فإذا هَوِيت فقد لقيت هوانا
وقال آخر:
إن الهوى لهو الهوان بعينه فإذا هويت فقد كسبت هوانا
وإذا هويت فقد تعبّدك الهوى فاخضع لحبِّك كائنا من كانا
وقال عبد اللَّه بن المبارك:
ومن البلايا للبلاء علامة ألا يُرى لك عن هواك نزوع
العبد عبد النفس في شهواتها والحرّ يشبع تارةً ويجوعُ
وفي مسند البزار، وكتاب "الحلية" -لأبي نعيم- بسند حسن في الشواهد، عن أنس مرفوعًا: [ثلاثٌ مهلكاتٌ، وثلاثٌ منجياتٌ، فقال: ثلاثٌ مهلكاتٌ: شحٌّ مطاع، وهوًى مُتَبَعٌ، وإعجابُ المرءِ بنفسه. وثلاثٌ مُنْجيات: خشيةُ اللَّه في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا] (١).
وقوله: ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾. قال ابن عباس: (أضله اللَّه في سابق علمه).
والمقصود: خذله اللَّه تعالى عن محجة الطريق، وإصابة التوفيق، وسبيل الرشاد، لعلمه بحبه الغي ومعاندة الحق وتعظيم نفسه وهواه.
وقيل: أضله اللَّه بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه، وهذا المعنى يقتضي الأول.
وقوله: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾.
قال القرطبي: (أي: طبع على سمعه حتى لا يسمع الوعظ، وطبع على قلبه حتى لا يفقه الهدى. ﴿وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ أي: غطاء حتى لا يبصر الرشد).
والمقصود: خذله اللَّه حتى لا يسمع ما ينفعه، ولا يعي شيئًا يهتدي به، ولا يبصر حجة الوحي ليستضيء بها، بل القلب تعظيم هواه على سمعه وبصره وقلبه فانعطب ذلك منه ليبقى غارقًا في مستنقع جهله وشهواته.
(١) صحيح بشواهده. أخرجه البزار (٨٠)، وأبو نعيم (٢/ ٣٤٣)، والقضاعي (٣٢٥، ٣٢٦، ٣٢٧)، والديلمي (٢٤٧٥). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٨٠٢).


الصفحة التالية
Icon