الأرض ويطوي السماوات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ ] (١).
وفيه أيضًا عن عبد اللَّه قال: [جاء حَبْرٌ من الأحبار إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا محمدُ، إنا نجِدُ أنّ اللَّه يجعل السماوات على إِصبع، والأرضين على إِصبع، والشَّجر على إِصْبَع، والماء والثّرى على إصبع، وسائرَ الخلائقِ على إصبع، فيقول: أنا الملِكُ، فضحك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بَدَتْ نواجذُهُ تصديقًا لقول الحَبْرِ، ثم قرأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الزمر: ٦٧]] (٢).
٢٧ - ٢٩. قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩)﴾.
في هذه الآيات: إثباتُ الملك للَّه والخسارة على المبطلين يوم الدين، وكل أمة تكون يومئذ جاثية ثم تدعى إلى كتابها للفصل وظهور الحق واليقين.
فقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ﴾.
قال القرطبي: (﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ خلقًا وملكًا). وقال ابن جرير: (﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ﴾ يقول تعالى ذكره: ويوم تجيء الساعةُ التي يُنْشِرُ اللَّه فيها الموتى من قبورهم، ويجمعهم لموقف العرض، ﴿يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ﴾ يقول: يغبن فيها الذين أبطلوا في الدنيا في أقوالهم ودعواهم للَّه شريكًا، وعبادتهم آلهة دونه بأن يفوز بمنازلهم من الجنة المحقون، ويبدلوا بها منازل من النار كانت للمحقين، فجعلت لهم بمنازلهم من الجنة، ذلك هو الخسران المبين).
وقوله: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾. أي: من هَوْلِ ذلك اليوم.
والأمة هنا: أهل كل ملة، وفي تأويل ﴿جَاثِيَةً﴾ أكثر من قول:
١ - قال مجاهد: (مستوفزة). قال سفيان: (المستوفز الذي لا يصيب الأرض منه إلا ركبتاه وأطراف أنامله). وقال الضحاك: (ذلك عند الحساب).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨١) - كتاب التفسير. باب قوله: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾. وانظر الأحاديث (٧٤١٤)، (٧٤١٥)، (٧٤٥١)، (٧٥١٣).