٢ - قال ابن عباس: (مجتمعة). قال الفراء: (المعنى: وترى أهل كل دين مجتمعين).
٣ - قال عكرمة: (متميزة). قال: (جاثية متميزة على ناحيتها، وليس على الركب).
٤ - قال مُؤَرِّج: (خاضعة، بلغة قريش).
٥ - قال الحسن: (باركة على الركب). وأصل الجَثْو: الجلوس على الركب.
قلت: ويبدو أن الجثو على الركب يكون عند الحساب، فإنه إذا جيء بجهنم تزفر لا يبقى أحد إلا جثا على ركبتيه من شدة الهول ورهبة الموقف.
ويؤيد هذا ما رواه الترمذي والحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة قال: حدثني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن اللَّه تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكُلُّ أمة جاثية، فأول من يدعى رجل جمع القرآن، ورجل قُتل في سبيل اللَّه، ورجل كثير المال....] الحديث (١).
وقوله: ﴿كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا﴾. قال يحيى بن سلام: (إلى حسابها). وقال مقاتل: (إلى كتابها الذي كان يستنسخ لها فيه ما عملت من خير وشر). وقال مجاهد: (ما كتبت الملائكة عليها). والراجح أنه كتاب أعمالها. قال النسفي: (إلى صحائف أعمالها).
والآية كقوله تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [الزمر: ٦٩].
وقوله: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. أي: اليوم يوم الجزاء، تجازون بأعمالكم خيرها وشرها. كما قال سبحانه: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] وكقوله جل ثناؤه: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩].
وفي صحيح الحاكم عن سلمان، عن النبي عليه الصلاة والسلام، قال: [يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت. فتقول الملائكة: يارب! لِمن يَزِنُ هذا؟ فيقول اللَّه تعالى: لمن شئت من خلقي. فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (٤/ ٥٨٦)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٩٤١).