بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ٣. قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (٢) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (٣)﴾.
في هذه الآيات: تهديدٌ شديد لكفار مكة الذين يصدون عن الدين الحق بالغرق في الضلالات. ووعدٌ أكيد للمؤمنين المتبعين رسولهم بتكفير السيئات ورفع الدرجات.
فقوله: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾. قال ابن عباس: (نزلت في أهل مكة). أي: كفروا بآيات اللَّه وجحدوا نبوة رسوله، وحالوا دون اختيار الناس الإيمان باللَّه ونبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فصدوهم ووقفوا في طريقهم وبسطوا أيديهم نحوهم بالأذى.
وقوله: ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾. أي جعل أعمالهم ضلالًا على غير هدى وغير رشاد. قال ابن كثير: (أبْطَلها وأَذْهَبَها ولم يَجْعَل لها ثوابًا ولا جزاءً، كقوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣]).
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. قال ابن عباس: (الأنصار). قلت: بل الآية بعمومها تشمل المهاجرين والأنصار ومن مضى على منهاجهم في الإيمان والامتثال.
وقوله: ﴿وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ﴾. قال سفيان الثوري: (لم يخالفوه في شيء). والآية من باب عطف الخاص على العام، وفيها دليل أنه لا يستقيم الإيمان دون إقامة مفهوم شهادة: أن محمدًا رسول اللَّه. قال النسفي: (﴿وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ﴾ وهو


الصفحة التالية
Icon