وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: ٧٢].
وفي الصحيحين والمسند عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لَبَّيْك رَبَّنا وسَعْدَيك، فيقول: هل رضيتُمْ؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لمْ تُعْطِ أحدًا مِنْ خلقِك؟ فيقول: أنا أعطيكم أَفْضَل من ذلك، قالوا: يا ربِّ وأيُّ شيءٍ أفضلُ من ذلك؟ فيقول: أُحِلُّ عليكم رِضواني فلا أسخَطُ عليكم بَعْدَهُ أبدًا] (١).
وقوله: ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ﴾. أي: فهل يستوي أصحاب النعيم وأهل الجحيم، أصحاب المنازل والدرجات وأهل الهوي في الدركات. قال الفرّاء: (المعنى: أفمن يخلد في هذا النعيم كمن يخلد في النار). وقال الزجاج: (أي: أفمن كان على بينة من ربه وأعطي هذه الأشياء كمن زُيِّنّ له سوء عمله وهو خالد في النار). وقال ابن كيسان: (مثل هذه الجنة التي فيها الثمار والأنهار كمثل النار التي فيها الحميم والزقوم؟ ! ومثل أهل الجنة في النعيم المقيم كمثل أهل النار في العذاب المقيم؟ ! ).
وقوله: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا﴾. أي: حارًا شديد الحرارة والغليان، يشوي الوجوه والأمعاء ويمزق الأبدان.
وقوله: ﴿فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾: أي: فَمَزَّقَ بِغَلَيانه وَفَوَرانه الأمعاءَ والأحشاءَ، عياذًا باللَّه من حال أهل النار.
١٦ - ١٩. قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (١٦) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (١٨) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (١٩)﴾.
في هذه الآيات: نَعْتُ المنافقين بقسوة قلوبهم وخفة عقولهم واتباع أهوائهم.

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٥٤٩) - كتاب الرقاق، وكذلك (٧٥١٨) - كتاب التوحيد، وأخرجه مسلم (٢٨٢٩) - كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها. ورواه أحمد.


الصفحة التالية
Icon