والثناء على المؤمنين بحسن إسلامهم وزيادة إيمانهم. وتأكيد اقتراب الساعة فقد ظهر بعض أشراطها. والأمر بالعلم بلا إله إلا اللَّه سر النجاة والسعادة في الدارين.
فقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا﴾. إخبار عن المنافقين في غبائهم وقساوة قلوبهم وعقولهم. قال ابن زيد: (هم المنافقون، والذين أوتوا العلم الصحابة رضي اللَّه عنهم). قال النسفي: (هم المنافقون كانوا يحضرون مجلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يلقون له بالًا تهاونًا منهم، فإذا خرجوا قالوا لأولي العلم من الصحابة ماذا قال الساعة على جهة الاستهزاء).
وقوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. أي: أولئك الذي ختم اللَّه على قلوبهم فأقفلها. قال القاسمي: (أي فلا يدخلها الهدى لإبائهم عنه).
وقوله: ﴿وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾. أي ومضوا خلف آرائهم وشهواتهم، فلا فهمٌ صحيح. ولا قصد صحيح، وإنما هو ركوب الفتن والأهواء.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾. قال ابن كثير: (أي: والذين قصدوا الهداية وفَّقَهم اللَّه تعالى لها فهداهم إليها، وثَبَّتَهم عليها وزادهم منها).
وقوله: ﴿وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾. أي: ألهمهم طريق التقوى والرشد والفلاح. قال الربيع: (آتاهم الخشية). وقال السدي: (ثواب تقواهم في الآخرة). وقال مقاتل: (وفقهم للعمل الذي فرض عليهم). وقال ابن زيد: (بيَّن لهم ما يتقون). وقال عطية: (ترك المنسوخ والعمل بالناسخ). وقال الماوردي: (ترك الرخص والأخذ بالعزائم). قلت: وكلها تفاسير متقاربة متكاملة.
وقوله: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾. قال قتادة: (قد دنت الساعة ودنا من اللَّه فراغ العباد). وعن ابن زيد: (أشراطها: آياتها). أي: فهل ينظرون أن تأتيهم الساعة فجأة، فقد بدت أماراتها وعلاماتها، وهو وعيد للكفار.
وعن الحسن: (علامات الساعة انشقاق القمر والدخان). وعن الكلبي: (كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام، وقلة الكرام وكثرة اللئام). وعن الحسن البصري قال: (بعثة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- من أشراط الساعة).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١].