وما أنت أعلَمُ به مني، اللهم اغفر لي هزْلي وجِدِّي، وخطئي وعَمْدِي، وكُلُّ ذلك عندي] (١).
الحديث الثالث: أخرج الإمام البخاري والترمذي من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [واللَّه إني لأستغفر اللَّه وأتوب إليه في اليوم أكْثَرَ من سبعين مَرَّةً] (٢).
ولفظ الترمذي عن أبي هريرة: [﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إني لأستغفر اللَّه في اليوم سبعين مرة].
وله شاهد في صحيح مسلم من حديث الأغَرِّ بن يسار المُزني رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يا أيها الناسُ! توبوا إلى اللَّه، فإني أتوبُ إلى اللَّه في اليوم مئة مرة] (٣). وفي لفظ: [إنَّه ليُغانُ على قلبي، وإني لأستغفر اللَّه في اليوم مئة مرة].
وقوله: "لَيُغانُ على قلبي": يعني ما يتغشى القلب. وقيل: المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه، فإذا فتر عنه أو غفل عنه عدّ ذلك ذنبًا واستغفر منه.
الحديث الرابع: أخرج أحمد ومسلم -واللفظ له- عن عاصم عن عبد اللَّه بن سَرْجِسَ قال: [رأيتُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأكلتُ معه خُبْزًا ولَحْمًا، أو قال: ثرِيدًا، قال: فقلت له: أَسْتَغْفَرَ لكَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم، ولَكَ، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: ١٩]] (٤).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾. قال ابن عباس: (متقلبكم في الدنيا، ومثواكم في الآخرة). وقال السدي: (متقلبكم في الدنيا، ومثواكم في قبوركم). قال ابن جرير: (يقول: فإن اللَّه يعلم متصرفكم فيما تتصرفون فيه في يقظتكم من الأعمال، ومثواكم إذا ثويتم في مضاجعكم للنوم ليلًا).
قلت: والبيان الإلهي المعجز يحتمل كل هذه المعاني، فلا وجه لرفض أيّ منها.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١١/ ٨٥)، وأخرجه الترمذي (٣٢٥٥) - في السنن.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٧٠٢) ح (٤٢)، وكذلك ح (٤١) - كتاب الذكر والدعاء.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٣٤٦) - كتاب الفضائل، وأحمد (٥/ ٨٢)، والترمذي (٢٣).