الحديث الثالث: أخرج أحمد وأبو داود بسند صحيح من حديث عبد الرحمن بن عوف قال: إنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [قال اللَّه عزَّ وجلَّ: أنا الرحمنُ، خلقتُ الرحم وشققتُ لها اسمًا من اسمي، فمن يَصِلها أصِلُهُ، ومن يقطعَعُها أقطعُهُ فأبُتُّه] (١).
الحديث الرابع: أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [مَنْ سَرَّه أن يُبْسَطَ له في رزقِه، وأن يُنْسَأ له في أثره، فليصِل رحمه] (٢).
الحديث الخامس: أخرج البخاري وأحمد عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنَّ الرحمَ مُعَلَّقَةٌ بالعرش، وليس الواصِلُ بالمكافِئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطِعت رَحِمه وَصَلَها] (٣).
وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾.
قال القرطبي: (﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ﴾ أي طردهم وأبعدهم من رحمته. ﴿فَأَصَمَّهُمْ﴾ عن الحق. ﴿وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ أي قلوبهم عن الخير). وقال النسفي: ﴿فَأَصَمَّهُمْ﴾ عن استماع الموعظة ﴿وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ عن إبصارهم طريق الهدى).
٢٤ - ٢٨. قوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (٢٥) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (٢٦) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (٢٧) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)﴾.
في هذه الآيات: تنبيهُ اللَّه تعالى عباده إلى تَدَبُّرِ القرآن وَفَهْمِ ما فيه من المعاني والأحكام. وتحذيرٌ من الإعراض عنه واتباع ما يسوله الشيطان، ونَعْتٌ لحال المجرمين

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (١/ ١٩٤)، وأبو داود (١٦٩٤)، والترمذي (١٩٠٧).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٩٨٥) - كتاب الأدب، وكذلك (٥٩٨٦) من حديث أنس.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٩٩١)، وأحمد (٢/ ١٩٣)، وأبو داود (١٦٩٧).


الصفحة التالية
Icon