ذميمةً، وأبشري بحميم وغسَّاق، وآخرَ من شكله أزواج، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج] (١).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾. أي: إنما تفعل بهم الملائكة ذلك من الإهانة والضرب عند النزع مقابل ما كانوا عليه مما يسخط اللَّه وكرهوا رضاه تعالى، فأبطل ثواب أعمالهم فلم تنفعهم حتى لو اشتملت على بعض الخير الظاهر.
٢٩ - ٣١. قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (٢٩) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (٣٠) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (٣١)﴾.
في هذه الآيات: مَكْرُ اللَّه تعالى بالمنافقين وفضحهم، وإظهار علامات لنبيِّه تميزهم وتكشفهم، وسنة اللَّه في ابتلاء المؤمنين، وتمييز المجاهدين والصابرين والصادقين.
فقوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ﴾. قال ابن عباس: (هم أهل النفاق، وقد عرّفه إياهم في براءة فقال: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ وقال: ﴿فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾).
وقال ابن زيد: (هؤلاء المنافقون، والذي أسروا من النفاق هو الكفر). والأضغان: هو ما يُضمر من المكروه. قال الجوهري: (الضغن والضغينة: الحقد). قال السدي: (﴿أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ﴾ قال: غِشَّهم). وقال ابن عباس: (حسدهم). وقال قُطْرب: (عدوانهم). وكلها متقاربة متكاملة. قال القرطبي: (والمعنى: أم حسبوا أن لن يظهر اللَّه عداوتهم وحقدهم لأهل الإسلام).
وقوله: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾. قال ابن زيد: (هؤلاء المنافقون وقد أراه اللَّه إياهم). والمقصود: ولو نشاء -يا محمد- لعرّفناكهم فلعرفتهم بعلاماتهم.
وقوله: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾. أي في فحواه ومعناه. واللَّحن: ما عُرِفَ

(١) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٤٢٦٢) - كتاب الزهد. انظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٤٣٧)، وكذلك صحيح الجامع (١٩٦٤).


الصفحة التالية
Icon