بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
١ - ٣. قوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (٣)﴾.في هذه الآيات: قضاءُ اللَّه تعالى بجعل بيعة الرضوان يوم الحديبية الفتح المبين. وامتنانه تعالى على رسوله بالمغفرة التامة والهداية إلى الصراط المستقيم. والنصر الأكيد والتأييد والتمكين.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾. قال قتادة: (قضينا لك قضاء مبينًا. قال: والفتح القضاء). وقال مجاهد فيها: (نحرُه بالحديبية وحَلْقُه). وقال جابر: (ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية).
وفي صحيح البخاري عن شعبة قال: [سمعت قتادةَ عَنْ أنسٍ رضي اللَّه عنه: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ قال: الحديبية] (١).
وكذلك أخرج البخاري في صحيحه عن البراء قال: [تعدّون أنتم الفتح فتحَ مكة، وقد كان فَتْحُ مكة فَتْحًا، ونحن نَعُدُّ الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية] (٢).
يروي ابن جرير بإسناده عن الشعبي قال: (نزلت ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ بالحديبية، وأصاب في تلك الغزوة ما لم يصبه في غزوة، أصابَ أن بويعَ بيعة الرضوان، وغُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخّر، وظهرت الروم على فارس، وبلغ الهَدْي محله، وأطعموا نخل خيبر، وفرح المؤمنون بتصديق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبظهور الروم على فارس).
وقوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾. خصوصيةٌ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتشريف كبيرٌ له، فهو أكمل البشر على الإطلاق، وسيدهم في الدنيا والآخرة، وأموره كلها منسجمة مع طاعة اللَّه وتعظيم دينه.
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨٣٤) - كتاب التفسير، وانظر كذلك (٤١٧٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤١٥٠)، (٤١٥١) - كتاب المغازي، من حديث البراء.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤١٥٠)، (٤١٥١) - كتاب المغازي، من حديث البراء.