أفَأَخْبَرَكَ أنَّكَ تأتيه العام؟ قلتُ: لا، قال: فإنَّكَ آتيه ومُطَوِّفٌ به.
قال الزُّهْري: قال عمر: فَعَمِلْتُ لذلك أعمالًا. قال: فلمّا فرغ من قَضِيَّةِ الكتاب قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه: قُوموا فانْحَروا ثم احْلِقوا. قال: فواللَّه ما قام منهم رجلٌ حتى قال ذلك ثلاثَ مَرّات، فلمّا لم يَقُمْ منهم أحَدٌ دَخَلَ على أُمِّ سَلَمَةَ فذكرَ لها ما لقِيَ من الناس فقالت أمّ سلمة: يا نبي اللَّه، أتحِبُّ ذلك؟ اخْرُجْ ثم لا تُكَلِّم أحَدًا منهم كَلِمةً، حتى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فخرج فلم يُكَلِّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك، نَحَرَ بُدْنَهُ، ودعا حالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجَعَل بعضهم يَحْلِقُ بَعْضًا حتى كادَ بَعْضُهم يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا. ثم جاءه نِسْوةٌ مؤمناتٌ، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠] حتى بلغ: ﴿بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشِّرك، فتزوج إحداهُما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية. ثم رجع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المدينة. فجاءه أبو بصير رجل من قريش.. -] (١). وسيأتي تمام القصة عند تفسير الآية: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ إن شاء اللَّه.
١١ - ١٤. قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١١) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (١٢) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٤)﴾.
في هذه الآيات: فَضْحُ سلوك المنافقين وكَشْفُ كَذِبِ قلوبهم، وتَوَعُّد اللَّه من لا يؤمن به وبرسوله إنزال عذابه المؤلم بهم، فاللَّه تعالى هو الملك يغفر لمن يشاء