ورسوله جنات النعيم، والمعرضين المكذبين عذاب الجحيم.
فقوله: ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾.
أي: سيقول لك -يا محمد- المخلفون عن صحبتك إذا سرت معتمرًا، إذا انطلقت وأصحابك إلى ما أفاء اللَّه عليكم -مما وعد أهل الحديبية من غنائم خيبر- ﴿ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ﴾. قال ابن جرير: (إلى خيبر فنشهد معكم قتال أهلها... يريدون أن يغيروا وعد اللَّه الذي وعد أهل الحديبية). قال مجاهد: (تخلفوا عن الخروج إلى مكة، فلما خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخذ قومًا ووجّه بهم قالوا ذَرُونا نتّبعكم فنقاتل معكم).
وقوله: ﴿قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ﴾. أي: من قل الرجوع من الحديبية ومن قبل سؤالكم الخروج إلى مغانم خيبر.
قال قتادة: (أي إنما جعلت الغنيمة لأهل الجهاد، وإنما كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب).
قال ابن كثير: (أمر اللَّه تعالى رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- ألا يأذن لهم في ذلك معاقبةً لهم من جنس ذنبهم، فإن اللَّه تعالى قد وعد أهل الحديبية بمغانم خيبر وحدهم لا يَشْرَكُهم غيرُهم من الأعراب المتخلفين، فلا يقع غيرُ ذلك شرعًا وقدرًا).
وقوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا﴾ قال ابن زيد: (أَنْ نُصيب معكم غنائم).
وقوله: ﴿بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. قال القرطبي: (يعني لا يعلمون إلا أمر الدنيا. وقيل: لا يفقهون من أمر الدين إلا قليلًا، وهو ترك القتال).
وقوله: ﴿قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾.
اختلف المفسرون في المقصود من قرأ في هذه الآية على أقوال:
١ - قال ابن عباس: (﴿أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ أهل فارس). وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: (فارس والروم). وعن كعب قال: (الروم). وعن مجاهد: (هم أهل الأوثان).
٢ - وقال عكرمة: (هوازن وثقيف). وقال قتادة: (هي هوازن وغطفان يوم حنين). وفي رواية قال: (فدُعوا يوم حنين إلى هوازن وثقيف، فمنهم من أحسن الإجابة ورغب في الجهاد).