٢٠ - ٢٤. قوله تعالى: ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢٠) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢١) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٢٢) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٢٣) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٢٤)﴾.
في هذه الآيات: وَعْدُ اللَّه تعالى عباده المؤمنين المغانم الكثيرة عقب الحديبية، وكشف سنته تعالى في إذلال الكافرين وإلقاء الرعب في قلوبهم، وامتنانه تعالى على المؤمنين بصرف كيد المشركين عنهم ومكرهم.
فعن مجاهد: (﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا﴾ قال: المغانم الكثيرة التي وعدوا: ما يأخذونها إلى اليوم).
وقوله: ﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ﴾. قال ابن عباس: (يعني صلح الحديبية). وقال مجاهد: (عجل لكم خيبر). وقال ابن زيد: (يوم خيبر).
وقوله: ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ﴾. قيل: هم اليهود كفّ اللَّه أيديهم عن عيال الذين ساروا من المدينة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مكة. قال قتادة: (كفَّ أيدي الناس عن عيالهم بالمدينة). وقال في رواية: (عن بيوتهم، وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا إلى الحديبية وإلى خيبر، وكانت خيبر في ذلك الوجه). قال ابن كثير: (﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ﴾ أي: لم يَنَلْكُم سوءٌ مما كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال. وكذلك كفَّ أيديَ الناس الذين خلفتموهم وراء أَظْهُركم عن عيالِكم وحريمكم).
وقوله: ﴿وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. قال ابن جرير: (وليكون كفه تعالى ذكره أيديهم عن عيالهم آية وعبرة للمؤمنين به، فيعلموا أن اللَّه هو المتولي حياطتهم وكلاءتهم في مشهدهم ومغيبهم، ويتقوا اللَّه في أنفسهم وأموالهم وأهليهم بالحفظ وحُسن الولاية ما كانوا مقيمين على طاعته منتهين إلى أمره ونهيه).
وقوله: ﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾. أي طريقًا قويمًا لا اعوجاج فيه، مبناه على